للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجَهْرًا} يعني: علانية (١). (ز)

{هَلْ يَسْتَوُونَ}

٤١٧٠٦ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال الله: {هل يستويان مثلًا} [هود: ٢٤]، قال: لا، واللهِ، ما يستويان (٢). (٩/ ٨٥)

٤١٧٠٧ - قال مقاتل بن سليمان: {هَلْ يَسْتَوُونَ} الكافر الذي لا يُنفِق خيرًا لمعاده، والمؤمن الذي ينفق في خير لمعاده (٣). (ز)

٤١٧٠٨ - قال يحيى بن سلّام: قال: {هل يستوون} مثلًا، يعني: هل يستوي هذا الذي يعبد الوثن الذي لا يقدر على شيء، والذي يعبد الله فيرزقه الرزق الحسن، أي: إنهما لا يستويان (٤) [٣٧٠٩]. (ز)


[٣٧٠٩] اختُلِف في هذا المثل على قولين: الأول: أنه مثل ضربه الله? لنفسه، وللأوثان؛ فالله? هو المالك لكل شيء، وينفق كيف يشاء، والأوثان مملوكة عاجزة، لا تقدر على شيء، فهل يستوى هذا وهذا؟! وهذا قول مجاهد، والضحاك. والثاني: أنه مثل ضربه الله - عز وجل - للمؤمن والكافر؛ فالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء مثل الكافر، والمرزوق الرزق الحسن فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا هو المؤمن. وهذا قول ابن عباس، وقتادة.
ورجَّحَ ابنُ عطية، ومثله ابنُ تيمية (٤/ ١٧٠)، وكذا ابن القيم القول الأول استنادًا إلى السياق، والدلالة العقلية، فقال ابن عطية (٥/ ٣٨٨): «هذا التأويل أصوب؛ لأن الآية تكون من معنى ما قبلها وبعدها في تبيين أمر الله والرد على الأصنام».
وقال ابنُ القيم (٢/ ١١٤ - ١١٥): «القول الأول أشبه بالمراد؛ فإنه أظهر في بطلان الشرك، وأوضح عند المخاطب، وأعظم في إقامة الحجة، وأقرب نسبًا بقوله: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون}، ثم قال: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء}، ومن لوازم هذا المَثَل وأحكامه أن يكون المؤمن الموحد كمن رزقه منه رزقًا حسنًا، والكافر المشرك كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، فهذا مما نبه عليه المثل، وأرشد إليه، فذكره ابن عباس منبهًا على إرادته، لا أنّ الآية اختصت به، فتأمله فإنك تجده كثيرًا في كلام ابن عباس، وغيره من السلف في فهم القرآن، فيظن الظّانّ أن ذلك هو معنى الآية التي لا معنى لها غيره، فيحكيه قوله».
ورجَّحَ ابنُ جرير (١٤/ ٣٠٧) القول الثاني استنادًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «إنما اخترنا القول الذي اخترناه في المثل الأول لأنه -تعالى ذكره- مَثَّل مَثَل الكافر بالعبد الذي وصف صفته، ومَثَّل مَثَل المؤمن بالذي رزقه رزقًا حسنًا فهو ينفق مما رزقه سرًّا وجهرًا، فلم يجز أن يكون ذلك لله مثلًا؛ إذ كان الله إنما مثل الكافر الذي لا يقدر على شيء بأنه لم يرزقه رزقًا ينفق منه سرًّا، ومثل المؤمن الذي وفقه الله لطاعته فهداه لرشده فهو يعمل بما يرضاه الله، كالحر الذي بسط له في الرزق فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، والله -تعالى ذكره- هو الرازق غير المرزوق، فغير جائز أن يمثل إفضاله وجوده بإنفاق المرزوق الرزق الحسن». وعلَّقَ ابنُ عطية (٥/ ٣٨٨) على القول الثاني بقوله: «التمثيل على هذا التأويل إنما وقع في جهة الكافر فقط، جعل له مثلًا، ثم قرن بالمؤمن المرزوق، إلا أن يكون المرزوق ليس بمؤمن، وإنما هو مثال للمؤمن، فيقع التمثيل من جهتين».

<<  <  ج: ص:  >  >>