ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ٢٢٥) مستندًا إلى لغة العرب والنظائر القول الأول، وهو قول الشعبي، وقتادة، وعلَّل ذلك بقوله: «لأن التَّبَوُّءَ في كلام العرب: الحلول بالمكان والنزول به، ومنه قول الله تعالى: {ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس: ٩٣]». ونقل ابنُ عطية (٥/ ٣٥٧ بتصرف) عن فرقة: أن الحسنة هنا: لسان الصدق الباقي عليهم في غابر الدهر. ثم وجَّهه قائلًا: «وفي قوله: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} على هذا التأويل في لسان الصدق تجوُّز كثير، واستعارة بعيدة». ونقل عن فرقة أخرى: «أن الحسنة عامة في كل أمر مستحسن يناله ابن آدم». ثم علَّق عليه بقوله: «وتخِفُّ الاستعارة المذكورة على هذا التأويل، وفي هذا القول يدخل ما روي عن عمر بن الخطاب? أنه كان يعطي المال وقت القسمة للرجل من المهاجرين، ويقول له: خذ ما وعدك الله في الدنيا، ولأجر الآخرة أكبر. ثم يتلو هذه الآية. ويدخل في هذا القول: النصر على العدو، وفتح البلاد، وكل أمل بَلَغَه المهاجرون». وعلَّق ابنُ كثير (٨/ ٣١٣) على القولين الأول والثاني بقوله: «ولا منافاة بين القولين، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم، فعوَّضهم الله خيرًا منها في الدنيا، فإن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله بما هو خير له منه، وكذلك وقع، فإنهم مكَّن الله لهم في البلاد، وحكَّمهم على رقاب العباد، فصاروا أمراء حكامًا، وكل منهم للمتقين إمامًا».