وعلَّق ابنُ عطية (٨/ ٨٧) على القول الأول الذي قاله قتادة، وسفيان، والكلبي، والحسن، ومجاهد، بقوله: «وهذا معروف من اللغة». وذكر ابنُ القيم (٣/ ٥٣) أنه قول جميع أهل اللغة. وبيّن ابنُ جرير (١٥/ ٥٦٩ - ٥٧٠ بتصرف) أن «السجر» في اللغة مستعمل في معنيي الامتلاء والإيقاد، ثم رجَّح -مستندًا إلى دلالة اللغة، والعقل- أنه المملوء، فقال: «فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السَّجر، وكان البحر غير موقد اليوم، وكان الله -تعالى ذكره- قد وصفه بأنه مسجور، فبطل عنه إحدى الصفتين، وهو الإيقاد صحت الصفة الأخرى التي هي له اليوم، وهو الامتلاء؛ لأنه كل وقت ممتلئ». ورأى ابنُ عطية (٨/ ٧٨) أنه لا تعارض بين القول بأنه المملوء أو القول بأنه المُوقَد، فقال: «لأنّ قولهم: سجرتُ التنّور، معناه: ملأتها بما يحترق ويتّقد». ورجَّح ابنُ القيم (٣/ ٥٤) القول الثاني مستندًا إلى دلالة اللغة، والقرآن، فقال: «وأقوى الأقوال في المسجور: أنه المُوقَد. وهذا هو المعروف في اللغة من المسجور، ويدل عليه قوله تعالى: {وإذا البحار سجرت} [التكوير: ٦]». وبيّن أنه لا يعارض القول الأول ولا الثالث. ثم جمع بين الأقوال كلها بقوله: «وإذا اعتبرتَ أسلوب القرآن ونظْمه ومفرداته رأيتَ اللفظة تدل على ذلك كلّه، فإن البحر محبوس بقدرة الله، ومملوء ماء، ويذهب ماؤه يوم القيامة ويصير نارًا، فكلٌّ من المفسرين أخذ معنى من هذه المعاني».