للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٢٧٨ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {وأن تصدقوا خير لكم} قال: من النَّظِرة {إن كنتم تعلمون} (١) [١٠٦٤]. (ز)

[آثار متعلقة بالآية]

١١٢٧٩ - عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجتُ أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول مَن لقينا أبا اليُسْرِ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ... فقال له أبي: يا عم، إني أرى في وجهك سُفْعَة (٢) من غضب؟ قال: أجل، كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال، فأتيت أهلَه، فسلَّمت، فقلت: أثَمَّ هو؟ قالوا: لا. فخرج عَلَيَّ ابن له جَفْرٌ (٣)، فقلت: أين أبوك؟ فقال: سمع صوتك، فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرج إلَيَّ، فقد علمتُ أين أنت؟ فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا -واللهِ- أُحَدِّثُك ثم لا أكْذِبُك، خشيت -واللهِ- أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنتَ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


[١٠٦٤] اختلف فَهمُ ابنُ جرير (٥/ ٦٣ - ٦٦)، وابنُ عطية (٢/ ١٠٨) لآثار السلف الواردة هنا في الندب إلى التصدق على المدين بإسقاط الدين؛ فرأى ابنُ جرير أنّ السلف اختلفوا على قولين حكاهما، أولهما: أنّ الندب إلى الصدقة برأس المال وإسقاط الدين عن المدين في حق الموسر والمعسر، والغني والفقير، وأدخل تحته ما روي عن قتادة، وإبراهيم النخعي. وثانيهما: أنّ هذا الندب إلى التصدق مختص بالمعسر، ورجَّح الثاني مستندًا إلى السياق، فقال: «وأولى التأويلين بالصواب تأويل من قال: معناه: وأن تصدقوا على المعسر برؤوس أموالكم خير لكم. لأنه يلي ذِكْرَ حكمِه في المعسر، وإلحاقه بالذي يليه أولى من إلحاقه بالذي بَعُد منه».
وانتقده ابنُ عطية مبيِّنًا أنّ السلف لم يختلفوا في معنى الآية، وأنها مختصة بالمعسر، فقال: «وندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر، وجعل ذلك خيرًا من إنظاره، قاله السدي، وابن زيد، والضحاك، وجمهور الناس. وقال الطبري: وقال آخرون: معنى الآية: وأن تصدقوا على الغنيِّ والفقير خير لكم. ثم أدخل الطبري تحت هذه الترجمة أقوالًا لقتادة وإبراهيم النخعي لا يلزم منها ما تضمنته ترجمته، بل هي كقول جمهور الناس، وليس في الآية مدخل للغني».

<<  <  ج: ص:  >  >>