[٣٣٧٦] اختُلِف في قراءة قوله: {وفيه يعصرون}؛ فقرأ قوم بالياء المفتوحة. وقرأ آخرون بالتاء. وقرأ غيرهم: بالياء المضمومة. وذكر ابنُ جرير (١٣/ ١٩٦) أنّ القراءة الأولى بمعنى: عصر الأعناب والأدهان. وأن القراءة الثالثة بمعنى: يُمطرون. وبنحوه قال ابنُ عطية (٥/ ١٠١). وذكر ابنُ عطية أنّ القراءة الثالثة يحتمل أن تكون مأخوذ من العصرة، أي: يؤتون بعصرة. ويحتمل أن يكون من: عصَرت السحاب ماءها عليهم. وانتقد ابنُ جرير القراءة الثالثة مستندًا لإجماع القراء، فقال: «وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها؛ لخلافها ما عليه من قراء الأمصار». ورجَّح (١٣/ ١٩٦ - ١٩٧) القراءة الأولى والثانية مستندًا إلى شهرتهما، واتفاق معناهما، فقال: «والصواب من القراءة في ذلك أنّ لقارئه الخيار في قراءته بأي القراءتين الأخريين شاء، إن شاء بالياء ردًّا على الخبر به عن الناس، على معنى: {فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} أعنابهم وأدهانهم. وإن شاء بالتاء ردًّا على قوله: {إلا قليلا مما تحصنون} وخطابًا به لمن خاطبه بقوله: {يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون}؛ لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتفاق المعنى، وإن اختلفت الألفاظ بهما. وذلك أن المخاطبين بذلك كان لا شك أنهم أغيثوا وعصروا: أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا، وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا أغيث المخاطبون وعصروا، فهما متفقتا المعنى، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك».