وقد رجّح ابن جرير (١٦/ ٢٥) مستندًا إلى السياق القول الثاني، وعلل ذلك بقوله: «وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب لأنّه لا دلالة في ظاهر التنزيل على أنه أُمِر بخلعهما مِن أجل أنهما من جلد حمار ولا لنجاستهما، ولا خبر بذلك عمَّن تلزم بقوله الحجة، وإن في قوله: {إنك بالواد المقدس} بعَقِبه دليلًا واضحًا على أنه إنما أمره بخلعهما لما ذكرنا». ثم أورد حديث ابن مسعود المرفوع -الآتي في الآثار المتعلقة بالآية- وقال: «لو كان صحيحًا لم نعدُهُ إلى غيره». ثم انتقده، فقال: «لكنَّ في إسناده نظرًا يجب التثبت فيه». وقد ذكر ابنُ عطية (٦/ ٨٢) القولين، ثم بيّن أن الآية تحتمل وجهًا ثالثًا، ورجّحه مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وتحتمل الآية معنًى آخر، هو الأليق بها عندي، وذلك أنّ الله تعالى أمره أن يتواضع لِعِظم الحال التي حصل فيها، والعُرْف عند الملوك أن تُخلَع النعلان، ويبلغ الإنسان إلى غاية تواضعه، فكأنّ موسى - عليه السلام - أُمر بذلك على هذا الوجه، ولا نبالي كانت نعلاه من ميتة أو غيرها».