وقد ذَهَبَ ابنُ عطية (١/ ٣٨٢) إلى أنّ قوله: {إلا الذين ظلموا} يدخل فيه اليهود وغيرهم ممن استهزأ بتولّي النبي وصحابته عن بيت المقدس إذا كان الاستثناء متصلًا، وأمّا إذا كان الاستثناء منقطعًا فيكون المعنيُّ بقوله: {الذين ظلموا}: كفارَ قريش، حيث قال: «قالت فرقة: {إلّا الَّذِينَ} استثناء متصل، وهذا مع عموم لفظة الناس، والمعنى: أنّه لا حُجَّة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا، يعني: اليهود وغيرهم مِن كُلِّ مَن تكلم في النازلة في قولهم: {ما ولّاهُمْ} استهزاء، وفي قولهم: تحير محمد في دينه. وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن، أو من يهودي، أو من منافق، وسمّاها تعالى حجّةً، وحكم بفسادها حين كانت من ظَلَمَة. وقالت طائفة: {إلّا الَّذِينَ} استثناء منقطع، وهذا مع كون الناس اليهودَ فقط، وقد ذكرنا ضعف هذا القول، والمعنى: لكن الذين ظلموا، يعني: كفار قريش في قولهم: رجع محمد إلى قبلتنا، وسيرجع إلى ديننا كله. ويدخل في ذلك كلُّ من تكلم في النازلة من غير اليهود».