للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل مكة: تحيَّر على محمد دينُه، فتَوَجَّه بقبلته إليكم، وعلم أنّكم أهدى مِنه سبيلًا، ويُوشك أن يَدْخُل في دينكم. فأنزل الله: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني} (١). (٢/ ٣٥)

[تفسير الآية]

٤٤٢٩ - عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: {إلا الذين ظلموا منهم}، يعني: مشركي قريش، يقول: إنهم سَيَحْتَجُّون عليكم بذلك (٢). (٢/ ٣٦)

٤٤٣٠ - عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- =

٤٤٣١ - وقتادة بن دِعامة -من طريق معمر- في قوله: {إلا الذين ظلموا منهم}، قالا: هم مشركو العرب، قالوا حين صُرفت القبلة إلى الكعبة: قد رجع إلى قبلتكم؛ فيُوشكُ أن يرجع إلى دينكم. قال الله: {فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِي} (٣) [٥٦٣]. (٢/ ٣٦)


[٥٦٣] لم يذكر ابنُ جرير (٢/ ٦٨٥) غير هذا القول في المراد من قوله تعالى: {إلا الذين ظلموا}. وذكر أنّ معنى الحجة على هذا القول: خصومةُ قريش وجدالُهم، فقال: «الحجة في هذا الموضع: الخصومةُ والجدالُ، ومعنى الكلام: لئلا يكون لأحد من الناس عليكم خصومة ودعوى باطل غير مشركي قريش، فإنّ لهم عليكم دعوى باطل، وخصومة بغير حق بقيلهم لكم: رجع محمد إلى قبلتنا، وسيرجع إلى ديننا. فذلك من قولهم، وأمانيهم الباطلة هي الحجة التي كانت لقريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ ومن أجل ذلك استثنى الله -تعالى ذِكْرُه- الذين ظلموا من قريش من سائر الناس غيرهم، إذ نفى أن يكون لأحد منهم في قبلتهم التي وجههم إليها حجة».
وقد ذَهَبَ ابنُ عطية (١/ ٣٨٢) إلى أنّ قوله: {إلا الذين ظلموا} يدخل فيه اليهود وغيرهم ممن استهزأ بتولّي النبي وصحابته عن بيت المقدس إذا كان الاستثناء متصلًا، وأمّا إذا كان الاستثناء منقطعًا فيكون المعنيُّ بقوله: {الذين ظلموا}: كفارَ قريش، حيث قال: «قالت فرقة: {إلّا الَّذِينَ} استثناء متصل، وهذا مع عموم لفظة الناس، والمعنى: أنّه لا حُجَّة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا، يعني: اليهود وغيرهم مِن كُلِّ مَن تكلم في النازلة في قولهم: {ما ولّاهُمْ} استهزاء، وفي قولهم: تحير محمد في دينه. وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن، أو من يهودي، أو من منافق، وسمّاها تعالى حجّةً، وحكم بفسادها حين كانت من ظَلَمَة. وقالت طائفة: {إلّا الَّذِينَ} استثناء منقطع، وهذا مع كون الناس اليهودَ فقط، وقد ذكرنا ضعف هذا القول، والمعنى: لكن الذين ظلموا، يعني: كفار قريش في قولهم: رجع محمد إلى قبلتنا، وسيرجع إلى ديننا كله. ويدخل في ذلك كلُّ من تكلم في النازلة من غير اليهود».

<<  <  ج: ص:  >  >>