للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)}

٢٦٢٠٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم}، قال: إنّ هذه الآية آيةٌ لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، لا يُنزِلهم جَنَّةً ولا نارًا (١) [٢٤٠١]. (٦/ ٢٠١)

٢٦٢١٠ - عن عبد الله بن عباس، قال: هذا الاستثناء لأهل الإيمان (٢). (ز)

٢٦٢١١ - قال عبد الله بن عباس: الاستثناء يرجع إلى قومٍ سبق فيهم علمُ الله أنّهم يُسْلِمون، فيخرجون من النار (٣) [٢٤٠٢]. (ز)


[٢٤٠١] علَّقَ ابنُ تيمية (٣/ ١٠٢) على أثر ابن عباس هذا بقوله: «دلَّ على أنّ هذا الاستثناء عنده يقتضي دفع العذاب عنهم، وهذا مدلول الآية، وأنّه لأجل هذه الآية يجب أن يتوقف، فلا يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا نارًا، وهذا يناقض قولَ مَن يقول: سوى ما شاء الله من أنواع العذاب. و: إلا مدة مقامهم قبل الدخول من حين بعثوا إلى أن دخلوا. فإنّ ذلك معلوم أنه قبل الدخول لم يكونوا فيها، وقولَ مَن يقول: في أهل الجنة. فإنّها صريحةٌ في تناول الكفار. لكن ذكر البغوي أنّ ابن عباس قال: الاستثناء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله، وأنهم يسلمون فيخرجون من النار. ولم يذكر مَن نقل هذا عن ابن عباس، فإن أريد بذلك: مَن أسلم في الدنيا؛ فليس كذلك، فإنّ الخطاب إنما هو لمن كان من أولياء الشيطان والجن الذين استمتع بعضهم ببعض، وهؤلاء من جملة المسلمين، وجميع مَن أسلم سبق فيه علم الله أنه يسلم. وكأنّ قائل هذا القول ظنَّ أن هذا خطاب للأحياء، وليس كذلك، بل هذا خطاب لهم يوم القيامة. وإن أراد: أنهم يسلمون في جهنم فيخرجون منها، وهذا خلاف ما دلَّ عليه القرآن في غير موضع، فعن عبد الله بن مسعود قال: لَيَأتينَّ على جهنم زمان ليس فيها أحد، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابًا، وهؤلاء هم الكفار. وعن أبي هريرة مثله. قال البغوي: ومعناه عند أهل السنة -إن ثبت-: ألا يبقى فيها أحدٌ مِن أهل الإيمان».
[٢٤٠٢] وجَّهَ ابنُ عطية (٣/ ٤٦١ - ٤٦٢) الاستثناء في الآية بقوله: «ويتَّجه عندي في هذا الاستثناء أن يكون مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته، وليس مما يُقال يوم القيامة، والمستثنى هو مَن كان مِن الكفرة يومئذ يؤمن في علم الله، كأنّه لَمّا أخبرهم أنّه قال للكفار: {النار مثواكم} استثنى لهم مَن يمكن أن يؤمن منهم».
واسْتَدْرَكَ على ما قاله ابن جرير عن ابن عباس أنّه كان يتناول في هذا الاستثناء أنّه مبلغ حال هؤلاء في علم الله بقوله: «الإجماع على التخليد الأبدي في الكفار، ولا يصح هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما -».

<<  <  ج: ص:  >  >>