للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٨٤٠ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قوله: {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم}: ففَتَح السورةَ بتبرئته نفسَه مِمّا قالوا، وتوحيدِه إيّاها بالخلق والأمر لا شريك له فيه، ورَدَّ عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد، واحتجاجًا عليهم بقولهم في صاحبهم ليعرفوا بذلك ضلالتهم؛ فقال: {الله لا إله إلا هو}. أي: ليس معه غيره شريك في أمره (١) [١٠٩٠]. (ز)

{الْحَيُّ}

١١٨٤١ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: {الحي}: الذي لا يموت (٢). (ز)

١١٨٤٢ - عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- {الحي}: الذي لا يموت. وقد مات عيسى وصُلِب في قولهم، يعني: في قول الأحبار الذين حاجّوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن نصارى أهل نجران (٣). (ز)

١١٨٤٣ - قال مقاتل بن سليمان: قوله: {الحي}، يعني: الحي الذي لا يموت (٤) [١٠٩١]. (ز)


[١٠٩٠] ذكر ابنُ عطية (٢/ ١٤٧) أنّ الجرجانيَّ ذهب في النظم إلى أنّ أحسن الأقوال: أن يكون {الم} إشارة إلى حروف المعجم، كأنه يقول: هذه الحروف كتابك أو نحو هذا، ويدل قوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب} على ما ترك ذكره مما هو خبر عن الحروف، وأنّ ذلك في نظمه مثل قوله تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}، وترك الجواب لدلالة قوله: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله} [الزمر: ٢١] تقديره: كمن قسا قلبه. وذكر ابنُ عطية (٢/ ١٤٨) أنه يحسن في هذا القول أن يكون {نزل} خبر قوله: {الله} حتى يرتبط الكلام إلى هذا المعنى. وانتقده فقال: «وهذا الذي ذكره القاضي الجرجاني فيه نظر؛ لأن مُثُله ليست صحيحة الشبه بالمعنى الذي نحا إليه». ثم قال: «وما قاله في الآية محتمل». ثم ذكر أنّ «الأبرع في نظم الآية أن يكون {الم} لا يضم ما بعدها إلى نفسها في المعنى، وأن يكون {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} كلامًا مبتدأً جزمًا جملةً رادَّةً على نصارى نجران الذين وفدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاجُّوه في عيسى ابن مريم وقالوا: إنه الله».
[١٠٩١] اختُلِف في معنى الحيّ؛ فقال قوم: هو وصْفٌ مِن الله لنفسه بالبقاء، ونَفْيٌ للموت عنها. وقال غيرهم: هو وصفٌ لنفسه بأنّه المُتَيَسِّرُ له تدبير ما أراد، وأنّه ليس كمن لا تدبير له مِن الآلهة والأنداد. وقال آخرون: معنى ذلك: أنّ له الحياة الدائمة التي لم تزل ولا تزال كذلك. ولم ينسب ابن جرير (٥/ ١٧٧) القولين الأخيرين، ثُمَّ قال: «ومعنى ذلك عندي: أنّه وصَفَ نفسَه بالحياة الدائمة التي لا فناءَ لها ولا انقطاعَ، ونفى عنها ما هو حالٌّ بكل ذي حياة مِن خلقه مِن الفناء وانقطاع الحياة عند مجيء أجله، فأخبر عبادَه أنّه المستوجبُ على خلقه العبادةَ والألوهةَ، والحيُّ: الذي لا يموت، ولا يبيد كما يموت كُلُّ مَن اتخذ مِن دونِه ربًّا، وأنّ الإله هو الدائم الذي لا يموت، ولا يبيد، ولا يفنى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو».

<<  <  ج: ص:  >  >>