ورجح ابنُ جرير (١٨/ ٣٢٨) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأول، وانتقد الثاني الذي قاله محمد بن كعب، ومقاتل، فقال: «وهي بأن تكون مِن ذكر المجرمين أولى؛ لأن الله -تعالى ذكره- غير سائل عن ذنوب مذنب غير من أذنب، لا مؤمن ولا كافر. فإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أنه لا معنى لخصوص المجرمين، لو كانت الهاء والميم اللتان في قوله: {عن ذنوبهم} لمن الذي في قوله: {من هو أشد منه قوة} من دون المؤمنين، يعني: لأنه غير مسؤول عن ذلك مؤمن ولا كافر، إلا الذين ركبوه واكتسبوه». وساق ابنُ عطية (٦/ ٦١٤ - ٦١٥) القولين، ثم علَّق قائلًا: «وفي كتاب الله تعالى آيات تقتضي أن الناس يوم القيامة يسألون، كقوله تعالى: {وقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} [الصافات: ٢٤] وغير ذلك، وفيه آيات تقتضي أنه لا يسأل أحد، كقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ ولا جانٌّ} [الرحمن: ٣٩] وغير ذلك، ويمكن أن تكون الآيات التي توجب السؤال إنما يراد بها أسئلة التوبيخ والتقرير، والذي ينفيه يراد به أسئلة الاستفهام على جهة الحاجة إلى علم ذلك من المسؤولين، أي: أن ذلك لا يقع؛ لأن العلم بهم محيط، وسؤال التوبيخ غير معتدٍّ به».