وقد رجّح القولَ الثالث مستندًا إلى السياق، فقال: «وأصحُّ الأقوال في الآية أنّ المعنى: من قبل نزول التوراة. فإنّه سبحانه قال: {ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى وهارُونَ الفُرْقانَ وضِياءً وذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ}، وقال: {وهَذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أنْزَلْناهُ أفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}، ثم قال: {ولَقَدْ آتَيْنا إبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ}، ولهذا قطعت قبل عن الإضافة وبُنِيَت؛ لأن المضاف منويٌّ معلوم، وإن كان غير مذكور في اللفظ، فالسياق إنما يقتضي: مِن قبل ما ذُكِر». وانتقد ابنُ القيم مستندًا إلى ظاهر الآية والدلالة العقلية القولَ الثاني، فقال: «وقيل: المعنى بقوله: {من قبل} أي: في سابق علمنا، وليس في الآية ما يدل على ذلك، ولا هو أمر مختص بإبراهيم، بل كل مؤمن فقد قدّر الله هُداه في سابق علمه».