ثم ذكر ابنُ عطية أنّ النقاش «نقل عن بعض المفسرين أنّ المراد بالرب هنا: هارون؛ لأنه كان أسنّ من موسى، وكان مُعَظَّمًا في بني إسرائيل، مُحَبَّبًا لسعة خلقه، ورحب صدره». ثم وجَّه ذلك بقوله: «فكأنهم قالوا: اذهب أنت وكبيرك». ثم انتقدهم قائلًا: «وهذا تأويل بعيد، وهارون إنما كان وزيرًا لموسى وتابعًا له في معنى الرسالة، ولكنه تأويل يُخَلَِّص بني إسرائيل من الكفر». ثم علَّق -بعد أن ذكر مقولة المقداد بن الأسود للنبي - صلى الله عليه وسلم -- بقوله: «وتمثيل المقداد بها، وتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك يقتضي أنّ الرب إنما أريد به الله تعالى، ويؤنس أيضًا في إيمان بني إسرائيل، لأنّ المقداد قد قال: اذهب أنت وربك فقاتلا، وليس لكلامه معنى إلا أن الله تعالى يعينك، ويقاتل معك ملائكته ونصره، فعسى أن بني إسرائيل أرادت ذلك، أي: اذهب أنت، ويخرجهم الله بنصره وقدرته من المدينة، وحينئذٍ ندخلها. لكن قبحت عبارتهم لاقتران النكول بها، وحسنت عبارة المقداد لاقتران الطاعة والإقدام بها».