ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٣٧٢) القول الأخير الذي قاله الأوزاعي، ومالك، وابن لهيعة، والشافعي، والليث مستندًا إلى دلالة العقل، فقال: «لا خلاف بين الحُجَّة أنّ مَن نَصَب حربًا للمسلمين على الظُّلم منه لهم أنّه لهم محارب، ولا خلاف فيه. فالذي وصفنا صفته لا شكَّ فيه أنّه لهم مناصبٌ حربًا ظلمًا، وإذ كان ذلك كذلك فسواء كان نَصْبُه الحربَ لهم في مصرهم وقراهم أو في سبلهم وطرقهم في أنّه لله ولرسوله محارب بحربه مَن نهاه الله ورسوله عن حربه». [٢٠٦٢] ذكر ابنُ كثير (٥/ ١٩٤) أنّ علة مَن قالوا بأنّ المحاربة لا تكون إلا في الطرقات، فأما في الأمصار فلا: هي أن المرء يلحقه الغَوْثُ إذا استغاث في المِصْر، بخلاف الطريق لبعده ممن يغيثه ويعينه. وعلَّق ابنُ عطية (٣/ ١٥٥) على هذا القول بقوله: «يريدون أنّ القاطع في المِصر يلزمه حَدُّ ما اجْتَرَح مِن قتل، أو سرقة، أو غصب، ونحو ذلك».