وذكر ابنُ عطية (٣/ ١٣٩) للقراءة الثانية ثلاثةَ معانٍ: الأول: «ما روي من أن الرجلين كانا من الجبارين، آمَنا بموسى واتَّبعاه، فكانا من القوم الذين يخافون، لكن أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِما بالإيمان بموسى، فقالا: نحن أعلم بقومنا». الثاني: «أنهما يوشع وكالوت، لكنهما من الذين يُوقرون ويُسمع كلامهم ويُهابون لتقواهم وفضلهم». ثم وجَّهه بقوله: «فهم يُخافون بهذا الوجه». الثالث: «أن يكون الفعل من أخاف». ثم وجَّهه بقوله: «والمعنى: من الذين يُخافون بأوامر الله ونواهيه ووعيده وزجره، فيكون ذلك مدحًا لهم، على نحو المدح في قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى} [الحجرات: ٣]». ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٢٩٩) القراءة الأولى مستندًا إلى إجماع قرأة الأمصار، وإلى أقوال السلف، وعلَّل ذلك بقوله: «لإجماع قرأة الأمصار عليها، وأنّ ما استفاضت به القراءة عنهم فحجةٌ لا يجوز خلافها، وما انفرد به الواحد فجائزٌ فيه الخطأ والسهو. ثم في إجماع الحجة في تأويلها على أنهما رجلان من أصحاب موسى من بني إسرائيل، وأنهما يوشع وكالب؛ ما أغنى عن الاستشهاد على صحة القراءة بفتح الياء في ذلك، وفساد غيره، وهو التأويل الصحيح عندنا لما ذكرنا من إجماعها عليه».