ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ١٢٠) أنّه تحريمٌ على كل واحدٍ من الزوجين مُضارَّة صاحبه مستندًا إلى موافقته لظاهر الآية، وسياقها، فقال: «والذي هو أوْلى بتأويل الآية عندي: وللمطلقات واحدةً أو ثنتين بعد الإفضاء إليهنَّ على بعولتهنَّ أن لا يراجعوهنَّ في أقرائِهِنَّ الثلاثة إذا أرادوا رجعتهنَّ فيهنَّ، إلا أن يُرِيدوا إصلاحَ أمْرِهِنَّ وأمرهم، وألا يراجعوهنَّ ضِرارًا، كما عليهنَّ لهم إذا أرادوا رجعتهنَّ فيهنَّ أن لا يكتمن ما خلق الله في أرحامهنَّ من الولد ودمِ الحيض ضرارًا منهنَّ لهم؛ ليفتنهم بأنفسهنَّ، ذلك أن الله -تعالى ذِكْرُه- نهى المطلقات عن كتمان أزواجهنَّ في أقرائهنَّ ما خلق الله في أرحامهنَّ إن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الآخر، وجعل أزواجهنَّ أحقَّ بردهنَّ في ذلك إن أرادوا إصلاحًا، فحرَّم الله على كل واحد منهما مُضارَّة صاحبه، وعَرَّف كلَّ واحد منهما ما له وما عليه من ذلك، ثم عَقَّب ذلك بقوله: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، فبَيَّن أنّ الذي على كل واحد منهما لصاحبه من ترك مُضارَّتِه مثل الذي له على صاحبه من ذلك. فهذا التأويل هو أشبه بدلالة ظاهر التنزيل من غيره». ثُمَّ بَيَّن احتمال اندراج القولين الواردين فيما ذَكَرَ، فقال: «وقد يحتمل أن يكون كلُّ ما على كل واحد منهما لصاحبه داخلًا في ذلك، وإن كانت الآية نزلت فيما وصَفْنا؛ لأن الله -تعالى ذكره- قد جعل لكل واحد منهما على الآخر حقًّا، فلكل واحد منهما على الآخر من أداء حَقِّه إليه مثل الذي عليه له، فيدخل حينئذ في الآية ما قاله الضحاك، وابن عباس، وغير ذلك».