للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسيب، وعروة بن الزبير، وغيرهما (١)، إِلَّا أن هذا المسلك تلاشى أو قلَّ عند من جاء بعدهم من صغار التابعين أو أتباعهم كما سيأتي.

ومما تجدر الإشارة إليه أن اختلاف مسلك الكوفيين عن مسلك المكيين في طريقة التفسير أدى إلى اجتهاد بعض المعاصرين إلى عزو ذلك إلى مدارس تفسيرية عند السلف مختلفة المنهج، ومتباينة المسلك، ينتسب كل منها إلى مصر من أمصار المسلمين، ولكل مشايخ وتلاميذ اقتفوا أثرهم، وساروا على نهجهم، وربما حاد البعض عن نهج أهل بلده واقتفى نهج غيرهم، ولعله يحسن البحث عن حقيقة ذلك في المسألة التالية، لتعلقه بتاريخ التفسير تعلقًا كبيرًا.

* هل وُجدت مدارس تفسيرية عند السلف؟

شاع لدى المعاصرين وفي المؤلفات الحديثة في تاريخ التفسير وجود مدارس تفسيرية ظهرت في عهد الصحابة، أسس كل مدرسة منها أحد كبار مفسري الصحابة، وتخرج فيها تلاميذه من التابعين، فنصروا منهجه، وأشاعوا خصائص مدرستهم (٢)، وهي ثلاث مدارس:

الأولى: المدرسة المدنية (أو مدرسةُ أُبَيّ بن كعبٍ بالمدينة)، وأشهر تلاميذها: أبو العالية (ت: ٩٣ هـ)، ومحمد بن كعب القرظي (ت: ١١٧ هـ)، وزيد بن أسلم (ت: ١٣٦ هـ).

الثانية: المدرسة المكية (أو مدرسة ابن عباس بِمَكَّة)، وأشهر تلاميذها: سعيد بن جبير (ت: ٩٥ هـ)، ومجاهد (ت: ١٠٢ هـ)، وعكرمة (ت: ١٠٥ هـ)، وطاووس (ت: ١٠٦ هـ)، وعطاء بن أبي رباح (ت: ١١٤ هـ).

الثالثة: المدرسة الكوفية (أو مدرسةُ ابن مسعود في العراق)، وأشهر تلاميذها:


(١) فعن عبيد اللَّه بن عمر، قال: "لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم سالم بن عبد اللَّه، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع". تفسير ابن جرير ١/ ٧٩.
(٢) ينظر: كتاب التفسير والمفسرون ١/ ١١٠، للدكتور محمد حسين الذهبي رحمه اللَّه، ولعله من أوائل من استعمل هذا المصطلح في تاريخ التفسير، وتبعهُ عليه عددٌ من الباحثين، وقد استظهر هذا التصنيف من قول ابن تيمية: "وأما التفسير فأعلم الناس به أهل مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاووس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم. وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، ومن ذلك ما تميزّوا به عن غيرهم، وعلماء أهل المدينة في التفسير، مثل زيد بن أسلم، الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذ عنه أيضًا ابنه عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن وهب".

<<  <  ج: ص:  >  >>