للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يعني هذا التقييد في التعريف أن من كانت الرواية عنه قليلة كأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان، أنهم لا يفهمون معاني القرآن، وإنما المراد أن الرواية عنهم قليلة.

ويُعدُّ الصحابة في الطبقة الأولى من المجتهدين في التقسير، ولتفسيرهم ميزة على تفسير من جاء بعدهم، ولا يعدلهم في هذه المميزات أحد.

* الطبقة الثانية: طبقة التابعين:

التابعي: من لقي الصحابي، وهو مؤمن، ومات على ذلك (١).

واختلف في اشتراط الرواية عن الصحابي.

وقد كان المفسرون في طبقة التابعين أكثر منهم في طبقة الصحابة وأتباع التابعين.

ويمكن أن ندوِّن بعض الملاحظات:

١ - أن بعضهم ينتمي إلى أكثر من مدينة، فأخذ عن علمائها من الصحابة، وتنوعت مداركه بهذا، فالحسن البصري (ت: ١١٠ هـ) نشأ في المدينة، ثم استقر في البصرة، وكذا أبو العالية (ت: ٩٣ هـ).

وسعيد بن جبير (ت: ٩٣ هـ) نشأ في الكوفة، وأخذ التفسير عن ابن عباس في مكة (ت: ٦٨ هـ).

وجابر بن زيد (ت: ٩٣ هـ) نشأ بالبصرة وتتلمذ على ابن عباس (ت: ٦٨ هـ) فى التفسير.

وأبو صالح باذام كان في مكة، ثمَّ انتقل إلى الكوفة واستقر بها.

وكذلك الحال في بعض أتباع التابعين، فمقاتل بن سليمان (ت: ١٥٠ هـ) كان ببلخ، ثم انتقل إلى بغداد واستقرَّ بها.

وسفيان الثوري (ت: ١٦١ هـ) كان في العراق، ثم في مكة.

وهكذا غيرهم ممن لو تُتُبِّعت سيرتهم، ونُظِر في التنوع الجغرافي الذي سكنوه، فإنه محلُّ بحث للنظر في أثره على المفسر إن وُجِدَ.

٢ - أن مصادرهم هي مصادر الصحابة عينها، ولم يتغير منهجهم عن منهج الصحابة، كما لم يتغير عند مفسري أتباع التابعين، بل كانت هذه الطبقات الثلاث مدرسة واحدة، وليسوا عدة مدارس، كما يظنه بعض الباحثين، وإنما يتمايزون بكثرة


(١) ينظر: معرفة أنواع علوم الحديث لابن الصلاح ص ٤٠٥، تحقيق: عبد اللطيف الهميم وماهر الفحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>