ورجَّح ابنُ كثير (٧/ ١٤٨) مستندًا إلى السياق، وإلى لغة العرب القولَ الثاني، فقال: «والذي يظهر من حيث السياق ما ذهب إليه ابنُ عباس في رواية العوفي عنه، وبه قال مجاهد، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن إسحاق، وقتادة، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أنّ المراد بها أشهر التسيير الأربعة المنصوص عليها في قوله: {فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ}، ثم قال: {فَإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ}، أي: إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرَّمنا عليكم فيها قتالهم، وأجَّلناهم فيها، فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم؛ لأن عود العهد على مذكور أولى من مُقَدَّر؛ ثم إنّ الأشهر الأربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آيةٍ أخرى بعدُ في هذه السورة الكريمة». وانتقد ابنُ تيمية (٨/ ٥١٤ منهاج السنة النبوية) القولَ الأول قائلًا: «وهذه الحرم المذكورة في قوله: {فَإذا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ} الآية ليس المراد الحرم المذكورة في قوله: {مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: ٣٦]، ومن قال ذلك فقد غلط غلطًا معروفًا عند أهل العلم». [٢٨٩٢] علَّق ابنُ كثير (٧/ ١٥٠) على قول علي بن أبي طالب? قائلًا: «هكذا رواه مختصرًا، وأظنُّ أنّ السيف الثاني: هو قتال أهل الكتاب، في قوله تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهُمْ صاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، والسيف الثالث: قتال المنافقين في قوله: {يا أيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ} [التوبة: ٧٣، والتحريم: ٩]، والرابع: قتال الباغين في قوله: {وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإنْ بَغَتْ إحْداهُما عَلى الأخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إلى أمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]».