للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفسر" (١).

أما التفسير فقد كان من أعلم التابعين به، أخذه مع القراءة عن أُبي بن كعب، كما روى عن أُبيّ تفسيره، بل كان عليه مدار مرويات تفسير أُبي -رضي اللَّه عنه- المنقولة والمبتوثة في كتب التفسير المسندة (٢).

كذلك أخذ التفسير عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (٣)، الذي كان يدنيه ويقدِّره، قال أبو العالية: كان ابن عباس يرفعني على السرير، وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش. فقال ابن عباس: "هكذا العلم يزيد الشريف شرفًا، ويجلس المملوك على الأسرة" (٤).

فما ظنك بمن أخذ القراءة والتفسير عن هذين العلمين من أعلام الصحابة؟! نعم لقد تخرج أبو العالية عليهما فكان علَمًا من أعلام كبار التابعين، بل هو أكثرهم تفسيرًا، لا تجد منهم مفسرًا يضاهيه في آثار التفسير أو يدانيه، وقد بلغت في موسوعة التفسير المأثور (٥٨٩) أثرًا، ولا شك أنها قليلة بجانب ما عُرف عن مكانة أبي العالية في التفسير.

* أسباب قلة الآثار المروية عن أبي العالية في التفسير (٥):

هناك أسباب عديدة، يمكننا أن نستشفها من سيرة أبي العالية وترجمته، لعل من أبرزها:

١ - قلة تصديه للفتوى ومجالس العامة وإيثاره للخفاء، وكراهيته لاجتماع الناس عليه، حتى أنه كان إذا جلس إليه أكثر من أربعة، قام، فتركهم (٦).


(١) سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٠٧.
(٢) وهي نسخة تفسيرية مشهورة، قال السيوطي: "وأما أُبي بن كعب فعنه نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه، وهذا إسناد صحيح، وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كئيرًا، وكذا الحاكم في مستدركه، وأحمد في مسنده: الإتقان ٤/ ٢٤٠. وينظر: أسانيد نسخ التفسير ص ٨٣.
(٣) ينظر: تفسير أتباع التابعين، ١/ ٢٩١.
(٤) ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٠٧، ثم عقب عليه بقوله: "هذا كان سرير دار الإمرة، لما كان ابن عباس متوليها لعلي -رضي اللَّه عنهما-".
(٥) ينظر: تفسير أتباع التابعين ص ٢٩٦.
(٦) ينظر: تهذيب الكمال ٩/ ٢١٧، سير أعلام النبلاء ٤/ ٢١٠. وهذا بخلاف الحسن البصري رحمه اللَّه، وينظر مقارنة بين هذين الإمامين في: تفسير أتباع التابعين ١/ ٤٤٦ - ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>