وقد رجّح ابنُ جرير (١٨/ ٥٣٩) صحّةَ جميع ذلك؛ للعموم في معنى ذلك، فقال: «والصواب من القول في ذلك أن يُقال: عنى به كل ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل الله، مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عم بقوله: {لهو الحديث} ولم يخصص بعضًا دون بعض، فذلك على عمومه، حتى يأتي ما يدل على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك». وذكر ابنُ عطية (٧/ ٤٢) هذه الأقوال وبعض روايات النزول، ثم رجّح مستندًا إلى ظاهر سياق الآية بقوله: «والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّخِذَها هُزُوًا}، وبالتوعد بالعذاب المهين، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، ولهو الحديث: كل ما يلهي من غناء وخنا ونحوه». وعلّق ابنُ القيم (٢/ ٣١٧ - ٣١٨) على القول الأول والرابع، فقال: «ولا تعارض بين تفسير {لهو الحديث} بالغناء، وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يُحَدِّث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس: لهو الحديث: الباطل والغناء. فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما». ثم قال: «والغناء أشد لهوًا، وأعظم ضررًا من أحاديث الملوك وأخبارهم؛ فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان ... إذا عرف هذا فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن، وإن لم ينالوا جميعه، فإنّ الآيات تضمنت ذمَّ من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا». [٥١٣٠] لم يذكر ابنُ جرير (١٨/ ٥٣٩) غير قول ابن عباس.