الأصفر رجلًا من الحبش، فقضى الله له أن مَلَك الروم، فاتخذ من نسائهم لنفسه، وولدن له نساءً كُنَّ مَثَلًا في الحُسْن، فقال جَدُّ بن قيس [الأنصاري](١) -من بني سَلِمة بن جشم-: يا رسول الله، قد عَلِمَتِ الأنصارُ حرصي على النساء، وإعجابي بِهِنَّ، وإنِّي أخاف أن أُفتتن بِهِنَّ؛ فأْذَن لي، ولا تفتني ببنات الأصفر. وإنما اعتلَّ بذلك كراهية الغزو؛ فأنزل الله - عز وجل -: {ومِنهُم مَن يَقُولُ ائْذَنْ لِي ولا تَفْتِنِّي}(٢). (ز)
٣٢٥٧٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله:{ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني}، قال: هو رجل من المنافقين يُقال له: جَدُّ بن قيس، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العام نغزو بني الأصفر، ونتخذ منهم سراري ووُصَفاء». فقال: أيْ رسولَ الله، ائذن لي ولا تفتِنِّي، إن لم تأذن لي افتتنت وقعدت. فغضب؛ فقال الله:{ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين}. وكان من بني سَلِمَة، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سيِّدُكم، يا بني سَلِمَة؟». فقالوا: جَدُّ بن قيس، غير أنه بخيل جبان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأيُّ داءٍ أدْوى مِن البُخْل؟! ولكن سيدكم الفتى الأبيض الجَعَد الشَّعَر؛ بشر بن البراء بن معرور»(٣)[٢٩٦٥]. (ز)
٣٢٥٧٤ - عن عبد الله بن عباسٍ -من طريق علي- في قوله:{ولا تَفتنِّي} قال: لا تُحْرِجني، {ألا في الفتنةِ سقطُوا} يعني: في الحرَج (٤). (٧/ ٣٩٩)
[٢٩٦٥] ذكر ابنُ عطية (٤/ ٣٢٨) عن بعض الناس أنّ معنى: {ولا تَفْتِنِّي}: «أي: لا تُصَعِّب عَلَيَّ حتى أحتاج إلى مواقعة معصيتك ومخالفتك، فَسَهِّل أنت عليّ، ودعني غير مُجَلّح». وبيَّن أنّ هذا «تأويل حسن واقف مع اللفظ». غير أنّه انتقده مستندًا لأحوال النزول بقوله: «لكن تَظاهَرَ ما رُوِي مِن ذِكْرِ بنات الأصفر، وذلك معترض في هذا التأويل».