وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٦٤٩ - ٦٥١) -مستندًا إلى اللغة، وإلى آثار السلف- القول الثاني، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّ هذه اللام بمعنى التعجب، وأن ّمعنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وترْكهم عبادة ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجّب، اكتفوا بها دليلًا على التعجّب من إظهار الفعل الذي يجلبها ... وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». وذكر آثار السلف على هذا المعنى. وانتقد (٢٤/ ٦٥٠) -مستندًا إلى اللغة، وإجماع المسلمين على أنّ السورتين منفصلتين- القول الأول، فقال: «وأمّا القول الذي قاله مَن حكينا قوله أنه من صلة قوله: {فجعلهم كعصف مأكول} فإنّ ذلك لو كان كذلك لوجب أن يكون {لإيلاف} بعض {ألم تر}، وأن لا تكون سورة منفصلة من {ألم تر}، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان كلّ واحدة منهما منفصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك، ولو كان قوله: {لإيلاف قريش} من صلة قوله: {فجعلهم كعصف مأكول} لم تكن {ألم تر} تامة حتى توصل بقوله: {لإيلاف قريش}؛ لأنّ الكلام لا يتم إلا بانقضاء الخبر الذي ذكر».