[٦٨٠٧] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٤١٠ - ٤١١) أنّ قوله: {والذين هم بشهاداتهم قائمون} له معنيان: الأول: أنهم يَحفظون ما يَشهدون فيه، ويَتيقّنونه ويَقومون بمعانيه حتى لا يكون لهم فيه تقصير. وعلَّق عليه بقوله: «وهذا هو وصف من تمثيل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «على مثل الشمس فاشهد»». الثاني: أنّ المعنى: الذين إذا كانت عندهم شهادة ورأوا حقًّا يدرَس أو حُرمة لله تُنتهك قاموا بشهادتهم. ونَقل عن ابن عباس القول بأنّ شهادتهم في هذه الآية: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وساق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها». ثم قال: «واختلف الناس في معنى هذا الحديث بحسب المَعْنَيَيْن اللذَيْن ذكرنا في الآية، إحداهما: أنْ يكون يحفظها مُتقنة فيأتي بها ولا يَحتاج أن يُسْتَفْهَم عن شيء منها ولا أن يُعارَض. والثاني: إذا رأى حقًّا يعمل بخلافه وعنده في إحياء الحق شهادة». ثم ساق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سيأتي قوم يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا يُستشهدون، ويظهر فيهم السّمَن». وبيّن أنه اختُلف في معنى هذا الحديث على قولين: الأول: أنهم قوم مُؤمنون يَتعرّضون ويحرصون على وضْع أسمائهم في وثائق الناس، وينصبون لذلك الحبائل من زي وهيئة وهم غير عُدول في أنفسهم فيغرّون بذلك ويَضرّون. وعلَّق عليه بقوله: «فهذا في ابتداء الشهادة لا في أدائها، ويجيء قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يُستشهدون»، أي: وهم غير أهل لذلك». الثاني: أنهم هم شهود الزُّور، يؤدونها، والمشهود عليهم لم يشهدهم، ولا الآخر".