ثم نقل أقوالًا في كونها عادةَ قبيلة من العرب قائلًا: «فقيل: كان ذلك من عادة قريش، وقال قتادة والضحاك: كان ذلك من عادة قبيلة من اليمن. وقيل: كانت العرب تطوف عُراة، إلا الحُمْس، وهم قريش ومن والاها». ثم رجَّح الأخيرَ مستندًا إلى دلالة الواقع قائلًا: «وهذا هو الصحيح؛ لأنّ قريشًا لَمّا سَنُّوا بعد عام الفيل سُنَنًا عظَّموا بها حرمتهم كانت هذه من ذلك، فكان العربيُّ إمّا أن يعيره أحدٌ من الحُمْس ثوبًا فيطوف فيه، وإمّا أن يطوف في ثيابه ثم يلقيها، وتمادى الأمرُ حتى صار عند العرب قُرْبة، فكانت العرب تقول: نطوف عُراةً كما خرجنا من بطون أمهاتنا، ولا نطوف في ثيابٍ قد تَدَنَّسنا فيها بالذنوب. ومن طاف في ثيابه فكانت سُنَّتهم كما ذكرنا أن يرمي تلك الثياب ولا ينتفع بها، وتُسَمّى تلك الثياب: اللَّقى، ... فنهى اللهُ - عز وجل - عن جميع ذلك، ونُودِي بمكة في سنة تسع: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان». [٢٤٧٨] نقل ابنُ عطية (٣/ ٥٤١) في معنى: {أنزلنا} احتمالين: الأول: «أن يريد التدَرُّج». ووجَّهه بقوله: "أي: لما أنزلنا المطر فكان عنه جميع ما يُلْبس قال عن اللباس: {أنزلنا}. وهذا نحو قول الشاعر يصف مطرًا: أقْبَلَ في المُسْتَنِّ مِن سَحابه أسْنِمةُ الآبالِ في ربابِهِ أي: بالمال «، والثاني:» أن يريد: خلقنا «. ثم علَّق عليه بقوله:» فجاءت العبارة بـ {أنْزَلْنا} كقوله تعالى: {وأَنْزَلْنا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ} [الحديد: ٢٥]، وقوله تعالى: {وأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أزْواجٍ} [الزمر: ٦]، وأيضًا فخلْق الله - عز وجل - وأفعاله إنما هي من علوٍّ في القدر والمنزلة".