للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[آثار متعلقة بالآية]

٥٩٤٦ - وعن أبي أُمامة: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بِضَبْعِي (١)، فأتيا بي جبلًا وعِرًا، فقالا لي: اصعد. فقلت: إنِّي لا أُطِيقُه. فقالا: إنّا سنسهله لك. فصعدتُ، حتى إذا كنتُ في سَواءِ الجَبَلِ (٢) إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواءُ أهل النار. ثم انطُلِق بي، فإذا أنا بقوم مُعَلَّقين بعَراقِيبِهم، مُشَقَّقَةً أشْداقُهُمْ، تسيل أشْداقُهم دَمًا، قلتُ: مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفطِرون قبل تَحِلَّةِ صومهم» (٣). (٢/ ٢٨٨)

٥٩٤٧ - وعن ابن عمر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوِصال، قالوا: إنّك تُواصِل؟ قال: «لستُ مثلكم؛ إنِّي أُطعَم وأُسْقى» (٤). (٢/ ٢٩٠ - ٢٩١)

٥٩٤٨ - وعن أبي سعيد، أنّه سمِع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تُواصِلوا، فأيُّكم أراد أن يُواصِل فلْيُواصِل حتى السَّحَر». قالوا: فإنّك تُواصِل، يا رسول الله! قال: «إنِّي لست كهَيْئَتِكم، إنِّي أبِيتُ لي مُطعِمٍ يُطْعِمُني، وساقٍ يَسْقِيني» (٥).

(٢/ ٢٩١)

٥٩٤٩ - وعن عائشة، قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوِصال رَحْمَةً لهم، فقالوا: إنّك تواصل! قال: «إنِّي لستُ كهَيْئَتِكم، إنِّي يُطْعِمُني ربي ويَسْقِيني» (٦). (٢/ ٢٩١)

٥٩٥٠ - وعن أبي هريرة، قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوِصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنّك تُواصِل، يا رسول الله؟ قال: «وأيُّكم مِثْلِي؟! إنِّي أبيتُ يُطعِمُني ربي ويَسْقِيني» (٧) [٦٦٥]. (٢/ ٢٩١)


[٦٦٥] قال ابنُ جرير (٣/ ٢٦٣): «وأما قوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} فإنّه -تعالى ذِكْرُه- حَدَّ الصومَ بأنّ آخر وقته إقبالُ الليل، فدلّ بذلك على أن لا صوم بالليل، كما لا فطر بالنهار، وعلى أنّ المُواصِل مُجَوِّعٌ نفسَه في غير طاعة ربه».
وقال (٣/ ٢٦٥ - ٢٦٦ بتصرُّف): «فإن قال قائِلٌ: فما وجه وِصال مَن واصَل؟ ... قيل: وجْهُ مَن فعل ذلك -إن شاء الله تعالى- على طلب الخُموصة لنفسه والقوة، لا على طلب البِرِّ لله بفعله. وفعلُهم ذلك نظيرُ ما كان عمر بن الخطاب يأمرهم به بقوله: اخشَوشِنوا، وتمَعْددوا، وانزُوا على الخيل نَزْوًا، واقطعوا الرُّكُب، وامشوا حُفاة. وقد رَغِب -لِمَن واصل- عن الوصال كثيرٌ من أهل الفضل، حدَّثنا ... عن أبي إسحاق: أنّ ابن أبي نُعم كان يواصل من الأيام حتى لا يستطيع أن يقومَ، فقال عمرو بن ميمون: لو أدرَك هذا أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم - رَجمُوه. وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الإذنُ بالوصال من السَّحر إلى السَّحر».
وقال ابنُ كثير (٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧ بتصرُّف) في الوِصال: "هو أن يَصِل صوم يوم بيوم آخر، ولا يأكل بينهما شيئًا، وقد ثبت النهي عنه من غير وجه، وثبت أنه من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه كان يُقَوّى على ذلك ويُعان، والأظهر أنّ ذلك الطعام والشراب في حقّه إنما كان معنويًّا لا حسيًّا، وإلا فلا يكون مواصلًا مع الحسي، ولكن كما قال الشاعر:
لها أحاديثُ من ذِكْراك تُشْغِلُها ... عن الشراب وتُلْهِيها عن الزّاد".
وقال (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨) فيما رُوِي من وصال بعض السلف: «يحتمل أنهم كانوا يفهمون من النهي أنّه إرشاد، أي: من باب الشفقة، كما جاء في حديث عائشة: رحمة لهم. فكان ابنُ الزبير وابنُه عامر ومَن سلك سبيلهم يَتَجَشَّمُون ذلك ويفعلونه، لأنهم كانوا يجدون قُوَّة عليه. وقد رُوِي عن ابن الزبير أنه كان يُواصِل سبعة أيام، ويُصْبِح في اليوم السابع أقواهم وأجلدهم. وقال أبو العالية: إنّما فرض الله الصيام بالنهار، فإذا جاء بالليل فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل».

<<  <  ج: ص:  >  >>