للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - الرد على المبتدعة من كتاب اللَّه وسُنَّة نبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:

برز إثر ذلك ظواهر جديدة في التفسير، منها:

- تنزيل الآيات القرآنية على الواقع: يظهر ذلك جليًّا في مثل قول سعد بن أبي وقاص في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: ٢٧] قال: "الحَرُورِيَّةُ هم الذين ينقضون عهد اللَّه من بعد ميثاقه، وكان يسميهم الفاسقين" (١).

ومثله عبد اللَّه بن عباس لما قيل له: قد تُكلِّم في القدر! فقال: "أوَفعلوها؟! واللَّه ما نزلت هذه الآية إِلا فيهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٨ - ٤٩] أولئك شرار هذه الأمة، لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم، إن أريتني واحدًا منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين" (٢).

ونحوه ما ورد عن الحسن البصري في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: ٧]، أنَّه قال: "نزلت في الخوارج" (٣). وكذا ما جاء أن قتادة قرأ هذه الآية: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} فقال: "إن لم يكونوا الحَرُورِيَّةَ والسَّبَائِيَّة فلا أدري مَن هم؟! " (٤). وكذلك قول الزهري: "إن اللَّه أنزل على نبيِّه في القدرية: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: ١٦٨] " (٥).

- التوسع في تفسير الآيات الواضحات التي كانت لا تفسر لوضوحها، خصوصًا أحكام العقيدة، مثال ذلك ما رواه طاووس قال: كنا جلوسًا عند ابن عباس، وعنده رجل من أهل القدر؛ فقلت: يا أبا عباس. كيف تقول فيمن يقول لا قدر؟ قال: أفي القوم أحد منهم؟ قلت: ولم؟ قال: آخذ برأسه ثم أقرأ عليه آية كيت، وآية كيت،


(١) أخرجه البخاري (٤٧٢٨)، وابن جرير ١٥/ ٤٢٥، وابن أبي حاتم ١/ ٧١ - ٧٢. وعلَّقَ ابنُ كثير في تفسيره ١/ ٣٢٨ على قول سعد -رضي اللَّه عنه- بقوله: "وهذا الإسناد إن صحَّ عن سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- فهو تفسير على المعنى، لا أنَّ الآية أُرِيد منها التنصيص على الخوارج الذين خرجوا على عليّ بالنهروان؛ فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية، وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل؛ لأنهم سُمُّوا خوارج لخروجهم عن طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٤٨٣ - ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة ٣/ ٥٩٧ (٩٤٨)، ٤/ ٧١٢ (١١٦٢)، ٤/ ٨٢٣ - ٨٢٤ (١٣٨٨)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٤٥ (٢٠٨٨٠).
(٣) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/ ٢٧٥ - .
(٤) أخرجه عبد الرزاق ١/ ١١٥ - ١١٦، وابن جرير ٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨ واللفظ له.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٣/ ٨١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>