وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٦٦٣) -مستندًا إلى السنة- القول الثالث بقوله: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله: {ساهون} لاهون يتغافلون عنها». ثم بيّن أنّ هذا القول يَعمُّ القولين الآخرين، فقال: «وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها، تضييعها أحيانًا، وتضييع وقتها أخرى. وإذا كان ذلك كذلك صحّ بذلك قول مَن قال: عني بذلك: ترْك وقتها. وقول مَن قال: عني به: ترْكها. لما ذكرتُ من أنّ في السهو عنها المعاني التي ذكرت». واستدل ابنُ جرير لهذا بالأثرين الواردين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي برزة وسعد بن أبي وقاص في تفسير الآية، ثم علّق قائلًا: «وكلا المعنيين اللذين ذكرتُ في الخبرين اللذين روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محتمل عن معنى السهو عن الصلاة». وبنحوه ابنُ كثير (١٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩)، فقال: «اللفظ يشمل هذا كلّه، ولكلّ من اتصف بشيء مِن ذلك قسطٌ من هذه الآية، ومَن اتصف بجميع ذلك فقد تمّ نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي». ورجّح ابنُ تيمية (٧/ ١٩١ - ١٩٢) -مستندًا إلى السنة- أنّ الآية تعمّ القولين الأول والثالث، فقال: «وكلا المعنيين حقّ، والآية تتناول هذا وهذا، كما في صحيح مسلم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا»». ووافقه ابنُ القيم (٣/ ٣٧٠ بتصرف) مستندًا إلى الدلالة العقلية، وعلَّل ذلك بقوله: «فإنه سبحانه أثبت لهم صلاة، ووصفهم بالسهو عنها، فهو السهو عن وقتها الواجب، أو عن إخلاصها وحضورها الواجب». وانتقد القول الثاني مستندًا إلى الدلالة العقلية، والسياق، فقال: «وليس السهو عنها ترْكها، وإلا لم يكونوا مُصلِّين، وأيضًا فإنه وصفهم بالرياء، ولو كان السهو سهو ترْك لما كان هناك رياء».