للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تمهيد طبقات السلف في التفسير]

تقدم معنا أن مصطلح السلف نعني به ثلاث طبقات؛ الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكل طبقة من تلك الطبقات تنقسم إلى طبقتين فأكثر، ويلاحظ أن بين هذه الطبقات تداخلًا كبيرًا، يصعب تحديد مبدأ كل منها ومنتهاها على وجه الدقة، لذا اختلفت في ذلك مناهج أهل العلم ممن كتب في طبقات الصحالة والتابعين وتابعيهم، من حيث حجم الطبقة ومنتهاها ومن يندرج تحتها، وليس المقام هنا لبسط ذلك، إذ المقصود بيان انقسام السلف إلى طبقات، والمسألة اصطلاح اجتهادي، ولا مشاحة في الاصطلاح، لذا سألتزم خطًّا مختلفًا -فيما يظهر لي- في تحديد مبدأ كل طبقة ومنتهاها (١)، أُرى أن ذلك أنسب لدراسة طبقات مفسري السلف من وجهة تاريخية؛ فقد جعلتُ مدد الطبقات متقاربة؛ فيما بين الستين إلى السبعين سنة، مستأنسًا في ذلك بما جاء في قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" (٢)، وجعلت منتهى كل طبقة يوافق حدثًا له أثره في تاريخ المسلمين (٣)، مع مراعاة وجود السمة الغالبة على أعلام الحياة العلمية في تلك الطبقة، ويبقى خروج بعض الأعلام عن تلك الصفة أمرًا نسبيًّا ضئيلًا لا يؤثر في


(١) أكثر من عرف بالاعتناء بهذا العلم وتنوعت مناهجهم في الطبقات كثرة وقلة؛ هم المحدثون، وذلك لمعرفة اتصال الأسانيد ومن ثم الحكم عليها، والحكم على الأسانيد ليس من مقاصد معرفة طبقات المفسرين. ومن هنا نجد أن نظام الطبقات يختلف باختلاف المترجم لهم، والفن المقصود بإبراز الترجمة فيه؛ لذا اختلف تنظيم الطبقات في مؤلفات الذهبي باختلاف فنِّها، فنظام طبقات القراء الكبار، يختلف عن تذكرة الحفاظ، وعن سير أعلام النبلاء. ينظر: مقدمة د. بشار عواد للسير ١/ ١٠٥، ١٠٦. وعليه لم ألتزم هنا بطريقة المحدثين، أو بتنظيم كتاب معين؛ لأن موضوع دراستنا هنا في التفسير وطبقات المفسرين، ونظرًا لقلتهم -مقارنة بالمحدثين- كان اختيار الطبقات على نطاق ضيق.
(٢) أخرجه الترمذي ٥/ ٤٤٥، وصححه الألباني لغيره في السلسلة الصحيحة ٢/ ٣٨٦ (٧٥٧).
(٣) وإن لم يكن له أثره المباشر في تاريخ العلم في تلك الطبقة، وإنما جاء التأريخ به للتعريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>