للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٥٨٥٤ - قال محمد بن إسحاق-من طريق سلمة-: {وإنَّ إلْياسَ} هو إلياس بن تسبى بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران (١). (ز)

[قصة إلياس مع قومه]

٦٥٨٥٥ - عن الحسن البصري -من طريق قتادة- قال: إنّ الله تعالى بعث إلياس إلى بعْلَبَكَّ، وكانوا قومًا يعبدون الأصنام، وكانت ملوكُ بني إسرائيل متفرقةً على العامة، كل ملك على ناحية يأكلها، وكان الملك الذي كان إلياس معه يُقَوِّم له أمرَه، ويقتدي برأيه، وهو على هدًى مِن بين أصحابه، حتى وقع إليهم قومٌ مِن عبدة الأصنام، فقالوا له: ما يدعوك إلا إلى الضلالة والباطل. وجعلوا يقولون له: اعبدْ هذه الأوثان التي تعبد الملوكُ، ودعْ ما أنت عليه. فقال الملك لإلياس: يا إلياس، واللهِ، ما تدعو إلا إلى الباطل، إني أرى ملوكَ بني إسرائيل كلهم قد عبدوا الأوثان التي تفيد الملوكَ، وهم على ما نحن عليه، يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون، وما تنقص دنياهم مِن أمرهم الذي تزعم أنّه باطل، وما لنا عليهم مِن فضل. فاسترجع إلياس، فقام شعرُ رأسه وجلده، فخرج عليه إلياس. قال الحسن: وإنّ الذي زَيَّن لذلك الملك امرأتُه، وكانت قبلَه تحت ملكٍ جبّار، وكان مِن الكنعانيين في طول وجسم وحُسن، فمات زوجُها، فاتَّخذت تمثالًا على صورة بعلِها مِن الذهب، وجعلت له حدقتين مِن ياقوتتين، وتوَّجَتْه بتاجٍ مُكَلَّل بالدرِّ والجوهر، ثم أقعدته على سرير تدخل عليه، فتدخنه وتطيبه وتسجد له، ثم تخرج عنه، فتزوجت بعد ذلك هذا الملِك الذي كان إلياس معه، وكانت فاجرةً قد قهرت زوجَها، ووضعت البعلَ في ذلك البيت، وجعلت سبعين سادِنًا، فعبدوا البَعْل، فدعاهم إلياسُ إلى الله، فلم يزِدهم ذلك إلا بُعدًا، فقال إلياس: اللهم، إنّ بني إسرائيل قد أبَوْا إلا الكفرَ بك وعبادة غيرك؛ فغيِّر ما بهم مِن نعمتك. فأوحى الله إليه: إني قد جعلتُ أرزاقهم بيدك. فقال: اللهم، أمسِك عنهم القَطر ثلاث سنين. فأمسكَ الله عنهم القطر، وأرسل إلى الملِك فتاه اليسع، فقال: قل له: إنّ إلياس يقول لك: إنّك اخترتَ عبادة البَعْل على عبادة الله، واتبعتَ هوى امرأتك؛ فاستعد للعذاب والبلاء. فانطلق اليسع، فبلغ رسالته للملك، فعصمه الله تعالى من شَرِّ الملك، وأمسك الله عنهم القَطر حتى هلكت الماشيةُ والدواب، وجَهَدَ الناس جَهْدًا شديدًا،


(١) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>