ورجَّح ابنُ عطية (٤/ ٤٣٠)، وابنُ القيم (٢/ ٢٥) القول الأول، وانتقدا قولَ قتادة استنادًا إلى أحوال النزول، واللغة، وظاهر الآية، فقال ابنُ عطية: «وهذا ضعيف، وقد ردَّه كعب بن مالك بنفسه، وقال: معنى {خُلِّفُوا}: تُركوا عن قَبول العذر، وليس بتخلُّفنا عن الغزو. ويُقَوِّي ذلك جعله {إذا ضاقت} غايةً للتَّخَلُّف، ولم يكن ذلك عن تخليفهم عن الغزو، وإنّما ضاقت عليهم الأرض عن تخليفهم عن قبول العذر». وقال ابنُ القيم: «قد فسرها كعب بالصواب، وهو أنهم خُلِّفوا من بين من حلف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتذر من المتخلفين، فخُلِّف هؤلاء الثلاثة عنهم، وأرجأ أمرهم دونهم، وليس ذلك تخلفهم عن الغزو؛ لأنّه لو أراد ذلك لقال: تخلفوا، كما قال تعالى: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله} [التوبة: ١٢٠]، وذلك لأنهم تخلفوا بأنفسهم، بخلاف تخليفهم عن أمر المتخلفين سواهم، فإنّ الله سبحانه هو الذي خلفهم عنهم، ولم يتخلفوا عنه بأنفسهم».