للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩٠٢ - عن يزيد بن أبي زياد، قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النَّضِير يستعينهم في عَقْلٍ أصابه ومعه أبو بكر وعمر وعلي، فقال: «أعِينُونِي في عَقْلٍ أصابني». فقالوا: نعم، يا أبا القاسم، قد آن لك تأتينا وتسألنا حاجة، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا. فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ينتظرونه، وجاء حُيَيِّ بن أخْطَب، فقال حُيَيٌّ لأصحابه: لا ترونه أقرب منه الآن؛ اطْرَحوا عليه حِجارة فاقتلوه، ولا تَرَوْنَ شرًّا أبدًا. فجاءوا إلى رحًى لهم عظيمة؛ لِيَطْرَحُوها عليه، فأمسك الله عنها أيديهم، حتى جاءه جبريل، فأقامه مِن ثَمَّ، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم} الآية، فأخبر اللهُ نبيه بما أرادوا به (١) [٢٠٠٤]. (٥/ ٢٢٤)

[تفسير الآية]

٢١٩٠٣ - قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ} وهم اليهود {أنْ يَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ} بالسوء، {فَكَفَّ أيْدِيَهُمْ


[٢٠٠٤] أفادت الآثارُ الاختلافَ في صفة هذه النعمة التي ذكّر الله -جل ثناؤُه- أصحابَ نبيه - صلى الله عليه وسلم - بها، وأمرهم بالشكر له عليها. فقالَ ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو مالك، ويزيد بن أبي زياد، والجمهور: إنها استنقاذ الله نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه مِمّا كانت اليهودُ من بني النَّضِير همُّوا به يوم أتَوْهُم يستحملونهم دية العامِرِيَّيْن اللَّذَيْنِ قَتلهما عمرو بن أمية الضَّمْرِي.
ورجَّحَه ابنُ جرير (٨/ ٢٣٣)، وابنُ عطية (٣/ ١٢٥) بدلالة السياق، وقال ابن جرير: «وإنما قلنا: ذلك أوْلى بالصحة في تأويل ذلك؛ لأن الله عَقًّب ذِكْرَ ذلك برمي اليهود بصنائِعها وقبيح أفعالها، وخيانتها ربَّها وأنبياءها، ثم أمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بالعفو عنهم، والصفح عن عظيم جهلهم، فكان معلومًا بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم -لم يُؤْمَر بالعفو عنهم والصفح عَقِيب قوله: {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم}، ومَن غيرُهم كان يبسط الأيدي إليهم؟ لأنه لو كان الذين همُّوا ببسط الأيدي إليهم غيرَهم، لكان حَرِيًّا أن يكون الأمر بالعفو والصفح عنهم، لا عمَّن لم يَجْرِ لهم بذلك ذكر، ولَكان الوصفُ بالخيانة في وصفهم في هذا الموضع، لا في وصف مَن لم يجْرِ لخيانته ذكر، ففي ذلك ما يُنبِئُ عن صحة ما قضينا له بالصحة من التأويلات في ذلك، دون ما خالفه».
وقال ابنُ عطية: «وهذا القول يترجح بما يأتي بعدُ من الآيات في وصف غَدْرِ بني إسرائيل، ونقضهم المواثيق».

<<  <  ج: ص:  >  >>