للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}

[نزول الآية]

٤٣٩ - عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - -من طريق السُّدِّيّ، عن مُرَّة الهمداني- = (١/ ١٣٧)

٤٤٠ - وعبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيّ، عن أبي مالك وأبي صالح- {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ}: المؤمنون من أهل الكتاب (١) [٤٩]. (ز)


[٤٩] رجَّح ابنُ جرير (١/ ٢٤٦ - ٢٤٧) مستندًا إلى أحوال النزول، والسياق، ودلالة العقل، قولَ ابن مسعود، وابن عباس من طريق السدي: أنّ المراد بقوله: {الذين يؤمنون بالغيب}: مؤمنو العرب، وأنّ المراد بقوله تعالى: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك}: مؤمنو أهل الكتاب، وذلك أنه تعالى قال: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك}، ولم يكن للعرب كتابٌ قبل الكتاب الذي أنزله الله - عز وجل - على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبأنّ الله صنَّف الكافرين في الآيات بعدها إلى صنفين: منافق، وكافر، فكذلك المؤمنون صنَّفهم إلى عربيٍّ، وكتابيٍّ.
وانتقد ابنُ تيمية (١/ ١٢٧) هذا القول، ووصفه بالغلط؛ لأن «مشركي العرب إن لم يؤمنوا بما أنُزِل إليه وما أنُزِل من قبله لم يكونوا مُفْلِحين، وأهل الكتاب إن لم يؤمنوا بالغيب ويقيموا الصلاة ومما رزقناهم ينفقون لم يكونوا مفلحين؛ ولهذا قال تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}، فدلَّ على أنهم صنف واحد».
ولم ير ابنُ عطية (١/ ١٠٨) تعارضًا بين قول من جعل الآيتين في صنف واحد، أو فسر كل آية بصنف منهما، فقال: «وهذه الأقوال لا تتعارض».
ورجَّح ابنُ تيمية (١/ ١٢٧ - ١٢٨، ١٤٢) أن الآيات صفة لموصوف واحد، وأن عطف الشيء على الشيء قد يكون لتغاير الصفات، وإن كانت الذات واحدة.
وبنحوه قال ابنُ كثير (١/ ٢٧٢ - ٢٧٤)، فقد رجَّح أن الآيات عامة في كل مؤمن اتصف بها، وذلك أنه ليس تصح واحدة من هذه الصفات دون الأخرى، بل كل واحدة مستلزمة للأخرى وشرط معها، وقوّى قولَه بعدد من الآيات الدالة على أمر جميع المؤمنين بالإيمان بالله ورسله وكتبه، كقوله تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي أنْزَلَ مِن قَبْلُ} الآية [النساء: ١٣٦]، وقوله: {ولا تُجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلّا بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ إلّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُمْ وقُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إلَيْنا وأُنْزِلَ إلَيْكُمْ} [العنكبوت: ٤٦]، وغيرها.
وبيَّن ابنُ عطية (١/ ١٠٨) اختلاف الإعراب على كلا القولين، فقال: «فمن جعل الآيتين في صنف واحد فإعراب {والَّذِينَ} خفض على العطف، ويصح أن يكون رفعًا على الاستئناف، أي: وهم الذين. ومن جعل الآيتين في صنفين فإعراب {والذين} رفع على الابتداء، وخبره {أُولئِكَ عَلى هُدىً}، ويحتمل أن يكون عطفًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>