وانتقد ابنُ تيمية (١/ ١٢٧) هذا القول، ووصفه بالغلط؛ لأن «مشركي العرب إن لم يؤمنوا بما أنُزِل إليه وما أنُزِل من قبله لم يكونوا مُفْلِحين، وأهل الكتاب إن لم يؤمنوا بالغيب ويقيموا الصلاة ومما رزقناهم ينفقون لم يكونوا مفلحين؛ ولهذا قال تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}، فدلَّ على أنهم صنف واحد». ولم ير ابنُ عطية (١/ ١٠٨) تعارضًا بين قول من جعل الآيتين في صنف واحد، أو فسر كل آية بصنف منهما، فقال: «وهذه الأقوال لا تتعارض». ورجَّح ابنُ تيمية (١/ ١٢٧ - ١٢٨، ١٤٢) أن الآيات صفة لموصوف واحد، وأن عطف الشيء على الشيء قد يكون لتغاير الصفات، وإن كانت الذات واحدة. وبنحوه قال ابنُ كثير (١/ ٢٧٢ - ٢٧٤)، فقد رجَّح أن الآيات عامة في كل مؤمن اتصف بها، وذلك أنه ليس تصح واحدة من هذه الصفات دون الأخرى، بل كل واحدة مستلزمة للأخرى وشرط معها، وقوّى قولَه بعدد من الآيات الدالة على أمر جميع المؤمنين بالإيمان بالله ورسله وكتبه، كقوله تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي أنْزَلَ مِن قَبْلُ} الآية [النساء: ١٣٦]، وقوله: {ولا تُجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلّا بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ إلّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُمْ وقُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إلَيْنا وأُنْزِلَ إلَيْكُمْ} [العنكبوت: ٤٦]، وغيرها. وبيَّن ابنُ عطية (١/ ١٠٨) اختلاف الإعراب على كلا القولين، فقال: «فمن جعل الآيتين في صنف واحد فإعراب {والَّذِينَ} خفض على العطف، ويصح أن يكون رفعًا على الاستئناف، أي: وهم الذين. ومن جعل الآيتين في صنفين فإعراب {والذين} رفع على الابتداء، وخبره {أُولئِكَ عَلى هُدىً}، ويحتمل أن يكون عطفًا».