للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى يبين لهم ما يتقون}، قال: نزلت حين أخذوا الفداء مِن المشركين يوم الأُسارى. قال: لم يكن لكم أن تأخذوه حتى يُؤذَن لكم، ولكن ما كان الله لِيُعَذِّب قومًا بذنب أذنبوه {حتى يبين لهم ما يتقون}. قال: حتّى ينهاهم قبل ذلك (١). (٧/ ٥٦٥)

٣٣٨٦٩ - قال محمد بن السائب الكلبي: هذا في المنسوخ، وذلك أنّ قومًا قدِموا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأسلموا، ولم تكن الخمرُ حرامًا، ولا القبلةُ مصروفةً إلى الكعبة، فرجعوا إلى قومهم وهم على ذلك، ثُمَّ حُرِّمت الخمر، وصُرِفَت القبلة، ولا علم لهم بذلك، ثم قدموا بعد ذلك المدينة فوجدوا الخمر قد حُرِّمَت، والقبلة قد صُرِفت، فقالوا: يا رسول الله، قد كُنتَ على دينٍ ونحنُ على غيره، فنحنُ ضُلّالٌ؟ فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم} يعني: ما كان الله لِيُبطِلَ عَمَلَ قوم قد عملوا بالمنسوخ حتى يتبين لهم الناسخ، {إن الله بكل شيء عليم} (٢). (ز)

٣٣٨٧٠ - قال مقاتل بن سليمان: {وما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إذْ هَداهُمْ حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ}، وذلك أنّ الله أنزل فرائضَ، فعمل بها المؤمنون، ثم نزل بعدُ ما نسخ به الأمر الأوَّل فحوّلهم إليه، وقد غاب أناسٌ لم يبلغهم ذلك فيعملوا بالناسخ بعد النسخ، وذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا نبيَّ الله، كُنّا عندك والخمرُ حلالٌ، والقبلة إلى بيت المقدس، ثم غِبنا عنك، فحُوِّلت القبلة ولم نشعر بها، فصلَّيْنا إليها بعد التحويل والتحريم. وقالوا: ما ترى، يا رسول الله؟ فأنزل الله - عز وجل -: {وما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إذْ هَداهُمْ حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ} (٣) [٣٠٧٧]. (ز)

[تفسير الآية]

٣٣٨٧١ - عن عبد الله بن عباس، في قوله: {وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم


[٣٠٧٧] ذكر ابنُ عطية (٤/ ٤٢٦) قولًا بأنّ بعض المسلمين خاف على نفسه من الاستغفار للمشركين دون أمر من الله تعالى؛ فنزلت الآية مُؤنِسة. ثم ذكر أقوالًا أخرى مفادها نزول الآية فيمن صلّى إلى بيت المقدس زمنًا دون علمه بالتحويل، أو فيمن شرب الخمر زمنًا لعدم علمه بالتحريم.
ورجَّح الأوَّل مستندًا إلى السياق، فقال: «والقول الأول أصوبُ، وأَلْيَق بالآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>