وانتَقَدَ قول من قال: إنّ الختم مجاز عن التكبر والإعراض، بقوله: «والحق في ذلك عندي ما صَحَّ بنظيره الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتةً سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقلت قلبه، فإن زاد زادت حتى تغلق قلبه، فذلك الران، الذي قال الله -جل ثناؤه-: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}». [المطففين: ١٤]، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغْلَفَتْها، وإذا أغْلَفَتْها أتاها حينئذ الختمُ من قِبل الله - عز وجل - والطبع، فلا يكون للإيمان إليها مَسْلَك، ولا للكفر منها مَخْلَص، فذلك هو الطبع والختم الذي ذكره الله -تبارك وتعالى-، نظير الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف، التي لا يوصل إلى ما فيها إلا بفَضِّ ذلك عنها، ثم حَلِّها، فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب مَن وصَف الله أنه خَتَم على قلوبهم، إلا بعد فَضِّه خاتمَه، وحَلِّه رباطَه عنها». ووافقه ابنُ كثير (١/ ٢٧٨ - ٢٧٩).