للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٦٣٣ - قال مقاتل بن سليمان: {اذهب إلى فرعون إنه طغى}، يقول: إنه عَصى، فادعوه إلى عبادتي، واعلم أنِّي قد ربطتُ على قلبه؛ فلم يؤمن. فأتاه ملَكٌ خازِنٌ مِن خُزّان الريح، فقال له: انطلِق لِما أُمِرْتَ (١). (ز)

[آثار في قصة الآيات]

٤٧٦٣٤ - عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن معقل- قال: لَمّا رأى موسى النارَ انطلق يسير، حتى وقف منها قريبًا، فإذا هو بنار عظيمة، تَفُور مِن ورق شجرة خضراء شديدة الخضرة يُقال لها: العُلِّيق، لا تزداد النارُ فيما يَرى إلا عِظَمًا وتَضَرُّمًا، ولا تزداد الشجرة على شِدَّة الحريق إلا خُضْرَةً وحُسْنًا، فوقف ينظر لا يدري على ما يضع أمرها، إلا أنّه قد ظن أنّها شجرة تحترق وأوقد إليها مَوْقِدُ، فَنالَها، فاحترقت، وأنّه إنما يمنع النار شدة خضرتها، وكثرة مائها، وكثافة ورَقها، وعِظَم جِذعها، فوضع أمرها على هذا، فوقف وهو يطمع أن يَسْقُط منها شيءٌ فيَقْتَبِسه، فلمّا طال عليه ذلك أهوى إليها بِضِغْثٍ في يده، وهو يريد أن يقتبس مِن لَهَبِها، فلمّا فعل ذلك موسى مالَتْ نحوه كأنها تُريده، فاستأخر عنها وهاب، ثم عاد فطاف بها، فلم تزل تُطْمِعُه ويَطْمَعُ بها، ثم لم يكن شيءٌ بأوْشَكَ مِن خُمودها، فاشْتَدَّ عند ذلك عجبه، وفكَّر موسى في أمرها، فقال: هي نارٌ مُمْتَنِعَةٌ لا يُقْتَبَس منها، ولكنها تَتَضَرَّم في جوف شجرة فلا تحرقها. ثم خمودها على قِدَر عظمها في أوْشَكَ مِن طَرْفَة عين، فلمّا رأى ذلك موسى قال: إنّ لِهذه شأنًا. ثم وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة، لا يدري مَن أمرها ولا بما أُمِرَت ولا مَن صنعها، ولا لِمَ صُنعت، فوقف مُتَحَيِّرًا لا يدري أيرجع أم يقيم؟ فبينا هو على ذلك إذ رمى بطرفه نحو فرعها، فإذا هو أشدُّ مما كان خضرة، وإذا الخضرة ساطعة في السماء، يَنظُرُ إليها تَغشى الظَلامَ، ثم لم تزل الخضرة تُنَوِّرُ وتَصْفَرُّ وتَبْيَضُّ حتى صارت نورًا ساطعًا عمودًا بين السماء والأرض، عليه مثل شعاع الشمس، تَكَلُّ دونه الأبصار، كلمّا نظر إليه يكاد يخطف بصره، فعند ذلك اشتدَّ خوفه وحزنه، فردَّ يده على عينيه، ولصق بالأرض، وسمع الحس والوجس، إلا أنه سمع حينئذ شيئًا لم يسمع السامعون بمثله عظمًا، فلمّا بلغ موسى الكرب واشتد عليه الهولُ نُودِي من الشجرة، فقيل: يا موسى. فأجاب سريعًا وما يدري مَن دعاه، وما كان سرعةُ إجابته إلا


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>