للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من تلك الروايات الدالة على قِدم علم التفسير وتقدم التدوين فيه (١).

ولعلنا نحاول تحرير المسألة وطرحها بصورة أخرى أحسب أنها أدق مما تقدم، مع التركيز والاختصار قدر المستطاع، فنقول بأن التفسير مر بمرحلتين أساسيتين:

الأولى: مرحلة الروايات الشفهية: وتقدم الحديث عنها في المبحث السابق.

الثانية: مرحلة الكتابة والتدوين: وهذه المرحلة مرت بأربعة مراحل متداخلة في كثير منها، بحيث يصعب تحديد كل منها زمنيًّا، خصوصًا الثلاثة الأخيرة منها، وهذه المراحل هي:

المرحلة الأولى: مرحلة الكتابة المبدئية للتفسير.

المرحلة الثانية: مرحلة النسخ التفسيرية.

المرحلة الثالثة: مرحلة التدوين الشامل للتفسير.

المرحلة الرابعة: مرحلة حذف الأسانيد.

وإليك تفصيل تلك المراحل، وباللَّه التوفيق.

* المرحلة الأولى: مرحلة الكتابة المبدئية للتفسير:

بدأت هذه المرحلة في عصر الصحابة الممتد إلى عام ٧٣ هـ كما تقدم، حيث وردت روايات تؤكد أن كتابة التفسير بدأت في ذلك العهد، فعن ابن أبي مليكة، قال: "رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباس: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير، كله" (٢)، وهذا الأثر يدل على فوائد عديدة (٣) من أهمها:

١ - أن علم التفسير كان علمًا قائمًا بذاته في عهد الصحابة؛ لأن مجاهدًا ذهب إلى ابن عباس ليسأله عن التفسير خاصة، فدل على أنه علم قائم بذاته.

٢ - أن تدوين التفسير كان في عصر صغار الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وهذه النسخة التي كان يكتبها مجاهد من أكبر الأدلة على أن بدايات علم التفسير وتدوينه كانت متقدمة


= مساعد الطيار في كتاب مقالات في أصول التفسير وعلوم القرآن ٢/ ١٣٠.
(١) ينظر: التفسير اللغوي ص ١٤٧، حاشية ٤.
(٢) تفسير ابن جرير ١/ ٨٥.
(٣) ينظر: التعليق على تفسير ابن جرير الطبري، المجلس الرابع للدكتور مساعد الطيار، على موقعه: www.attyyar.net/container.php? fun=artview&id=٤٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>