للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فتدلّوا حيث وصف في قَليبٍ لهم يُصلحونه، فتهوّر عليهم جميعًا، فإنه لَقبر لهم جميعًا إلى يومهم هذا، فقال عمر: سبحان الله، إنّ هذا للعجب!

فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين، فشأن بني المؤمّل مِن بني نصر أعجب من هذا كلّه. قال: وكيف كان شأن بني مؤمّل؟ قال: كان لهم ابن عمٍّ، وكان بنو أبيه قد هلكوا، فألجأ ماله إليهم ونفسه ليمنعوه، فكانوا يظلمونه ويضطهدونه، ويأخذون ماله بغير حقٍّ، فكلّمهم، فقال: يا بني مؤمّل، إني قد اخترتكم على مَن سواكم، وأضفتُ إليكم مالي ونفسي لتمنعوني، فظلمتموني، وقطعتم رحمي، وأكلتم مالي، وأسأتم جواري، فأذكركم الله والرَّحِم والجوار إلا ما كففتم عنِّي. فقام رجل يقال له: رباح، فقال: يا بني مؤمّل، قد صدق -واللهِ- ابنُ عمكم، فاتقوا الله فيه، فإنّ له رحِمًا وجوارًا، وإنّه قد اختاركم على غيركم من قومكم، فلم يمنعه ذلك منكم، فأمهلهم، حتى إذا دخل الشهر الحرام خرجوا أعمارًا، فرفع يديه إلى الله - عز وجل - في أدبارهم، وقال:

لاهم زِلْهُمْ عن بني مؤمّل ... وارمِ على أقفائهم بمنكل

بصخرة أو عرض جيش جَحْفل .... إلا رباحًا إنه لم يفعل

فبينما هم نزولٌ إلى جبل في بعض طريقهم أرسل الله صخرةً مِن الجبل تجُرّ ما مرّت به من حجرٍ أو صخر، حتى دكّتهم دكّة واحدة، إلا رباحًا وأهل جنابه إنه لم يفعل، فقال عمر: سبحان الله، إنّ هذا للعجب! لم يَرَوْن أن هذا كان يكون؟ قالوا: أنت -يا أمير المؤمنين- أعلم. قال: أما إني قد علمتُ لِمَ كان ذلك، كان الناس أهل جاهلية، لا يَرجُون جنةً ولا يخافون نارًا، ولا يعرفون بعثًا ولا قيامة، فكان الله تعالى يستجيب للمظلوم منهم على الظالم ليدفع بذلك بعضهم عن بعض، فلمّا أعلم الله تعالى العباد معادهم، وعرفوا الجنة والنار والبعث والقيامة، قال: {بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ والسّاعَةُ أدْهى وأَمَرُّ}، فكانت النظرة والمدّة والتأخير إلى ذلك اليوم (١). (ز)

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧)}

٧٣٩٤٤ - عن مجاهد بن جبر: {وسُعُرٍ}، أي: شقاء (٢). (ز)


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة ٢/ ٣٢٠ (٢٠)، كما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره عند هذه الآية ٢/ ٢٥٩ - ٢٦٠ مختصرًا، عن معمر، عن ناس من أصحابه، عن بعض أهل الكوفة.
(٢) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/ ٣٢٣ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>