للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}

٢٩٠١٤ - عن عليِّ بن أبي طالب -من طريق عمارة بن عبد السلولي- قال: لَمّا حضر أجَلُ هارون أوحى الله إلى موسى: أنِ انطلق أنت وهارونُ وابنُ هارونَ إلى غارٍ في الجبل، فأنا قابِضٌ رُوحَه. فانطلق موسى وهارونُ وابن هارونَ، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا، فإذا سريرٌ، فاضطَجَع عليه موسى، ثم قام عنه، فقال: ما أحسنَ هذا المكان، يا هارون! فاضطَجَع هارون، فقبض روحه، فرجع موسى وابنُ هارون إلى بني إسرائيل حزينَينِ، فقالوا له: أين هارون؟ قال: مات. قالوا: بل قتلته، كنتَ تعلم أنّا نُحِبُّه. فقال لهم موسى: ويلكم، أقتل أخي وقد سألتُه الله وزيرًا؟! ولو أنِّي أردت قتله أكان ابنُه يدعُني؟! قالوا له: بلى، قتَلْتَه، حَسَدْتَناهُ. قال: فاختاروا سبعين رجلًا. فانطَلَق بهم، فمرِض رجلان في الطريق، فخطَّ عليهما خطًّا، فانطلق موسى وابنُ هارون وبنو إسرائيل حتى انتهوا إلى هارون، فقال: يا هارون، مَن قتلك؟ قال: لم يقتلني أحدٌ، ولكني متُّ. قالوا: ما نقضي، يا موسى؟ ادعُ لنا ربَّك يجعلنا أنبياء. قال: فأخذتهم الرجفة، فصعقوا، وصعق الرجلان اللذان خُلِّفوا، وقام موسى يدعو ربَّه: {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}. فأحياهم اللهُ، فرجعوا إلى قومهم أنبياءَ (١) [٢٦٤٥]. (٦/ ٥٩٩)


[٢٦٤٥] ذكر ابنُ عطية (٤/ ٥٦) في معنى الآية: «أنّ موسى - عليه السلام - اختار من قومه هذه العِدَّة ليذهب بهم إلى موضع عبادة وابتهال ودعاء؛ ليكون منه ومنهم اعتذار إلى الله - عز وجل - من خطأ بني إسرائيل في عبادة العجل، وطلب لكمال العفو عمَّن بقي منهم». وذكر أنه «روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - أنّ اختيارهم إنّما كان بسبب قول بني إسرائيل: أنّ موسى قتل هارون حين ذهب معه ولم يرجع. فاختار هؤلاء ليذهبوا فيكلمهم هارون بأنّه مات بأجله».
ثم رَجَّح القولَ الأول مستندًا إلى دلالة لفظ الآية، واللغة، وانتقد قولَ علي - رضي الله عنهما - قائلًا: «وقوله: {لِمِيقاتِنا} يؤيد القول الأول، وينافر هذا القول؛ لأنّها تقتضي أنّ ذلك كان عن توقيت من الله - عز وجل - وعِدَة في الوقت الموضع، وتقدير الكلام: واختار موسى من قومه. فلما انحذف الخافضُ تَعَدّى الفعلُ فنَصَب، وهذا كثير في كلام العرب».
ونقل (٤/ ٥٧) في سبب الرجفة التي حلَّت بهم عن السدي قوله: «كانت على عبادتهم العجل بأنفسهم، وخفي ذلك عن موسى في وقت الاختيار حتى أعلمه الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>