للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٩٠٨ - قال مقاتل بن سليمان: في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} ... وذلك أنّ بِشْرًا المنافق خاصَم يهوديًّا، فدعاه اليهوديُّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعاه المنافق إلى كعب، ثم إنّهما اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقضى لليهودي على المنافق، فقال المنافق لليهودي: انطلق أخاصمك إلى عمر بن الخطاب. فقال اليهودي لعمر: إنِّي خاصمتُه إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقضى لي، فلم يرضَ بقضائه، فزعم أنّه مخاصمني إليك. فقال عمر للمنافق: أكذلك؟ قال: نعم، أحببتُ أن أفْتَرِق عن حكمك. فقال عمر: مكانك حتى أخرج إليكما. فدخل عمر، فأخذ السيف، واشتمل عليه، ثم خرج إلى المنافق، فضربه حتى برد، فقال عمر: هكذا أقضي على مَن لم يرضَ بقضاء الله - عز وجل - وقضاءِ رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وأتى جبريلُ - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمدُ، قد قَتَلَ عمرُ الرجلَ، وفرَّق اللهُ بين الحق والباطل. فسَمّى عمرَ الفاروق؛ فأنزل الله - عز وجل - في بشر المنافق: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك} (١) [١٧٥٤]. (ز)

[تفسير الآية]

١٨٩٠٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}، قال: الطاغوتُ رجلٌ من اليهود، كان يُقال له: كعب بن الأشرف. وكانوا إذا ما دُعُوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمكم إلى كعب. فذلك قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} (٢) [١٧٥٥]. (٤/ ٥١٨)


[١٧٥٤] ذكر ابنُ كثير (٤/ ١٣٨) الرواياتِ المختلفة في نزول الآية، ثُمَّ رَجَّح العمومَ فيها، فقال: «والآيةُ أعمُّ مِن ذلك كله، فإنها ذامَّةٌ لِمَن عدل عن الكتاب والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هاهنا».
[١٧٥٥] قال ابنُ عطية (٢/ ٥٩٠) مُوَجِّهًا: «وقال ابن عباس: الطّاغُوت هنا هو كعب بن الأشرف، وهو الذي تراضيا به، فعلى هذا إنّما يُؤَنِّبُ صنف المنافقين وحده، وهم الذين آمنوا بما أنزل على محمد وبما أنزل من قبله بزعمهم؛ لأنّ اليهود لم يؤمروا في شرعهم بالكفر بالأحبار، وكعب منهم». وأمّا على قول مَن قال: الطاغوت الكاهن، فبيَّن ابنُ عطية أنّ التأنيب بالآية يكون على هذا لليهود وللمنافقين معًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>