وذَهَب ابنُ كثير (١/ ١٦٧ - ١٦٩) مستندًا إلى السنة، وأقوال السلف، والإجماع إلى أنّها منسوخة بآية المواريث، وقال: «كانت الوصية للوالدين والأقربين واجبة -على أصح القولين- قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آيةُ الفرائض نسخت هذه، وصارت المواريث المُقَدَّرة فريضةً من الله، يأخذها أهلوها حتمًا من غير وصية ولا تحمل مِنّة المُوصِي، ولهذا جاء في الحديث الذي في السنن وغيرها عن عمرو بن خارجة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، وهو يقول: «إنّ الله قد أعطى كلَّ ذي حق حَقَّه، فلا وصية لوارث»». وقال بعد ذلك: «أمّا من يقول: إنها كانت واجبة -وهو الظاهر من سياق الآية- فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث، كما قاله أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء، فإنّ وجوب الوصية للوالدين والأقربين الوارثين منسوخ بالإجماع، بل منهي عنه للحديث المتقدم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث». فآية الميراث حكم مستقلّ، ووجوب من عند الله لأهل الفروض والعصبات، رفع بها حكم هذه بالكلية».