وقد رجّح ابنُ جرير (١٦/ ٦٤٦) القول الأول مستندًا إلى أقوال السلف. وكذا رجّحه ابنُ كثير (٥/ ٤٥٦) مستندًا إلى السياق بقوله: «وهذا هو الصواب؛ لأنّه تعالى قال: {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج}، ثم حَثَّهم وأغراهم على ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنّه مِلَّةُ أبيهم إبراهيم الخليل، ثم ذكر مِنَّته تعالى على هذه الأُمَّة بما نَوَّه به مِن ذكرها والثناء عليها في سالف الدهر وقديم الزمان في كتب الأنبياء، يتلى على الأحبار والرهبان، فقال: {هو سماكم المسلمين من قبل} أي: مِن قبل هذا القرآن، {وفي هذا}».
وانتقد ابنُ جرير قولَ ابن زيد مستندًا لدلالة العقل، والتاريخ، فقال: «ولا وجْه لِما قال ابنُ زيد من ذلك؛ لأنّه معلوم أنّ إبراهيم لم يُسَمِّ أُمَّة محمد مسلمين في القرآن، لأنّ القرآن أُنزِل مِن بعده بدهر طويل، وقد قال الله -تعالى ذِكْرُه-: {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا}، ولكن الذي سمّانا مسلمين مِن قبل نزول القرآن وفي القرآن: الله الذي لم يزل ولا يزال». وكذا انتقد ابنُ عطية (٦/ ٢٧٦ - ٢٧٧) مستندًا إلى السياق ما أفاده قولُ ابن زيد عند تفسيره قوله تعالى: {من قبل وفي هذا}، فقال: «و {مِن قَبْلُ} معناه: في الكتب القديمة، {وفِي هذا} في القرآن. وهذه اللفظة تُضَعِّف قولَ من قال: الضمير لإبْراهِيمَ. ولا يَتَوَجَّه إلا على تقدير محذوف مِن الكلام مستأنف».