ووجّه ابنُ عطية (٨/ ٤٥٣) القول الأول، فقال: «فكأنه من قولهم: مَنَّ إذا أعطى، وقال الضَّحّاك: وهذا خاصٌّ بالنبي - عليه السلام -، ومباح لأُمّته، لكن لا أجر لهم فيه. قال مكي: وهذا معنى قوله تعالى: {وما آتَيْتُمْ مِن رِبًا لِيَرْبُوا فِي أمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: ٣٩]». وانتقده مستندًا للسياق، فقال: «وهذا معنًى أجنبي مِن معنى هذه السورة». وعلّق على القول الثاني بقوله: «ففي هذا التأويل تحريض على الجد، وتخويف». وعلّق على القول الثالث، فقال: «وقال مجاهد: معناه: ولا تَضْعُف تَسْتَكْثِر ما حمّلناك من أعباء الرسالة وتَسْتَكْثِر من الخير. فهذه من قولهم: حبل منين، أي: ضعيف». وقد رجح ابنُ جرير (٢٣/ ٤١٧) -مستندًا إلى السياق، والقراءات- القول الثاني، فقال: «وإنما قلتُ ذلك أولى بالصواب؛ لأن ذلك في سياق آيات تَقدّم فيهنّ أمْر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بالجد في الدعاء إليه، والصبر على ما يَلقى من الأذى فيه، فهذه بأن تكون من أنواع تلك أشبه منها بأن تكون من غيرها. وذكر عن عبد الله بن مسعود أنّ ذلك في قراءته: (ولا تَمْنُنْ أن تَسْتَكْثِر)».