للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}

١١١٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- قال: أوَّل من سكن الأرضَ الجنُّ، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضًا. قال: فبعث الله إليهم إبليسَ في جند من الملائكة، فقتلهم إبليسُ ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور، وأطراف الجبال، ثم خلق آدم، فأسكنه إياها، فلذلك قال: {إني جاعل في الأرض خليفة} (١). (ز)

١١١٨ - عن الحسن البصري، في الآية، أي: خلفاء يخلف بعضهم بعضًا (٢) [١٣٨]. (ز)

١١١٩ - قال مقاتل بن سليمان: {وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}، وذلك أنّ الله - عز وجل - خلق الملائكة والجن قبل خلق الشياطين والإنس -وهُوَ آدم - عليه السلام -، فجعلهم سُكّانَ الأرض، وجعل الملائكة سكان السماوات، فوقع في الجن الفتنُ والحسدُ؛ فاقتتلوا، فبعث الله جُندًا مِن أهل سماء الدنيا -يُقال لهم: الجن، إبليس عدو الله منهم، خُلِقوا جميعًا من نار، وهم خُزّان الجنة، رأسهم إبليس-، فهبطوا إلى الأرض، فلم يُكَلَّفُوا من العبادة فِي الأرض ما كُلِّفُوا في السماء، فأحبوا القيام في الأرض، فأوحى الله - عز وجل - إليهم: {إني جاعل فِي الأرض خليفة} سواكم، ورافعكم إليَّ. فكرهوا ذلك؛ لأنهم كانوا أهونَ الملائكةِ أعمالًا (٣). (ز)

١١٢٠ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة- {جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}، يقول: ساكِنًا وعامِرًا يسكنها ويعمرها، ليس خَلْقًا منكم (٤) [١٣٩]. (ز)


[١٣٨] نقل ابن عطية (١/ ١٦٥، ١٦٦) عن الحسن قوله: «إنما سمى الله بني آدم: خليفة، لأن كل قرن منهم يخلف الذي قبله، الجيل بعد الجيل». ثم علَّق عليه بقوله: «ففي هذا القول يحتمل أن تكون بمعنى: خالفة، وبمعنى: مخلوفة». ونقل عن ابن مسعود قوله: «إنما معناه: خليفة مني في الحكم بين عبادي بالحق وبأوامري». ثم وجَّهه بقوله: «يعني بذلك: آدم - عليه السلام -، ومَن قام مقامه بعده من ذريته».
[١٣٩] ذهب ابنُ جرير (١/ ٤٧٧)، وابنُ عطية (١/ ١٦٥) إلى أنّ {خليفة} بمعنى: مَن يخلف. قال ابن جرير: «والخليفة: الفَعِيلَة، من قولك: خَلَف فلانٌ فلانًا في هذا الأمر، إذا قام مقامه فيه بعده. كما قال -جل ثناؤه-: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم} [يونس: ١٤]، يعني بذلك: أنّه أبدلكم في الأرض منهم، فجعلكم خلفاء بعدهم، ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم: خليفة؛ لأنه خلف الذي كان قبله، فقام بالأمر مقامه، فكان منه خلفًا».
وانتَقَد ابنُ جرير أثرَ ابن إسحاق هذا بقوله: «وليس الذي قال ابنُ إسحاق في معنى الخليفة بتأويلها، وإن كان الله -تعالى ذِكْرُه- إنّما أخبر ملائكتَه أنه جاعل في الأرض خليفة يسكنها، ولكن معناها ما وصفت قبلُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>