للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٥٢١ - قال مقاتل بن سليمان: {يَسْأَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ} من الصيد، {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ} يعني: الحلال، وذبح ما أحَلَّ الله لهم من الصيد مما أُدْرِكَت ذكاته (١). (ز)

{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}

٢١٥٢٢ - عن عَدِيّ بن حاتم، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنّا قوم نصيد بالكلاب والبُزاة، فما يَحِلُّ لنا منها؟ قال: «يَحِلُّ لكم ما علمتم من الجوارح مُكَلِّبِين، تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمكم الله، فكلوا مما أمْسَكْن عليكم، واذكروا اسم الله عليه». ثم قال: «ما أرسلتَ من كلب، وذكرتَ اسم الله؛ فكُلْ ما أمْسَك عليك». قلت: وإن قَتَل؟ قال: «وإن قَتَل، ما لم يأكل». قلت: يا رسول الله، وإنْ خالَطَت كلابَنا كلابٌ غيرها؟ قال: «فلا تأكل؛ حتّى تعلم أنّ كلبك هو الذي أمْسَك». قلت: إنّا قومٌ نَرْمِي، فما يَحِلُّ لنا؟ قال: «ما ذَكَرْتَ اسمَ الله، وخَزَقَتْ؛ فكُلْ» [١٩٦٦] (٢). (٥/ ١٩٥)

٢١٥٢٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين}، قال: هي الكلاب المُعَلَّمة، والبازي يُعَلَّم الصيد، والجوارح يعني: الكلاب، والفهود، والصقور وأشباهها، والمُكَلَّبين: الضَّوَراي (٣) [١٩٦٧]. (٥/ ١٩٣)


[١٩٦٦] استدل قومٌ بهذا الأثر على التفريق بين صيد الكلب وصيد البزاة، قال ابنُ كثير (٣/ ٣٧): «وجه الدّلالة لهم: أنّه اشترط في الكلب ألّا يأكل، ولم يشترط ذلك في البُزاة، فدلَّ على التفرقة بينهما في الحكم».
[١٩٦٧] رجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ١٠٦ بتصرف) أنّ المقصود بـ {الجوارح}: كلُّ ما صاد من الطير والسِّباع، وإنّ صَيْد جميع ذلك حلال إذا صاد بعد التعليم، مُسْتَنِدًا إلى عموم الآية، ودلالة السُّنَّة، فقال: «أوْلى القولين بتأويل الآية قول مَن قال: كلُّ ما صاد من الطير والسِّباع فمِن الجوارح، وإنّ صَيْدَ جميع ذلك حلال إذا صاد بعد التعليم؛ لأنّ الله -جَلَّ ثَناؤُه- عَمَّ بقوله: {وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ} كُلَّ جارِحَة، ولم يُخَصِّصْ منها شيئًا، فكلُّ جارِحة كانت بالصِّفَة التي وصف الله من كلِّ طائِر وسَبُع فحلالٌ أكْلُ صيدِها. وقد رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو ما قلنا في ذلك خبرٌ، مَعَ ما في الآية مِن الدَّلالة التي ذَكَرْنا على صِحَّة ما قُلْنا في ذلك، وهو ما حدَّثنا به هَنّاد، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن مُجالِد، عن الشعبي، عن عَدِيِّ بن حاتِم، قال: سألْت رسول الله عن صيد البازِيّ، فقال: «ما أمْسَكَ عليك فكُلْ». فأباح - صلى الله عليه وسلم - صَيْد البازيّ، وجَعَلَه مِن الجوارح. فقوله: {مُكَلِّبِينَ} صفة للقانِص، وإن صادَ بغير الكلاب في بعض أحيانه، وهو نظير قول القائل يُخاطِب قومًا: أُحِلَّ لكم الطَّيِّبات، وما عَلَّمْتُم من الجوارح مُكَلِّبِين مُؤَمِّنِين؛ فمعلوم أنّه إنّما عَنى قائل ذلك إخْبار القوم أنّ الله -جَلَّ ذِكْرُه- أحَلَّ لهم في حال كونهم أهل إيمانٍ الطَّيِّباتِ، وصَيْدَ الجوارح التي أعْلَمَهُم أنّه لا يحلُّ لهم منه إلّا ما صادوه بها، فكذلك قوله: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتِ وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ}، لذلك نظيره في أنّ التَّكْلِيب لِلْقانِصِ بالكلاب كان صيدُه أو بغيرها، لا أنّه إعلام من الله -عَزَّ ذِكْرُه- أنّه لا يَحِلُّ من الصيد إلا ما صادَتْه الكلابُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>