للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثلاثمائة، مَن كان مع إبراهيم، فاستنقذ مِن أهل فلسطين مَن كان معهم من أهل لوط وماله، حتى ردَّهم إلى قرارهم، ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه. وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قومٌ قد اسْتَغْنَوْا عن النِّساء بالرجال، فلمّا رأى الله ما كان عند ذلك بعث الملائكةُ ليعذبوهم، فأتوا إبراهيم، فلمّا رآهم راعَه هيئتُهم وجمالهم، فسلَّموا عليه، وجلسوا إليه، فقام لِيُقَرِّب إليهم قِرًى، فقالوا: مكانك. قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم، فإنّ لكم حقًّا، لم يأتِنا أحدٌ أحقُّ بالكرامة منكم. فأمر بعجلٍ سمين، فحُنِذ له -يعني: شُوي لهم-، فقرَّب إليهم الطعام، {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة}، وسارة وراء الباب تسمع، قالوا: لا تخفْ، إنّا نُبَشِّرُك بغلام عليم مبارك. فبَشَّر به امرأتَه سارة، فضحكت وعَجِبَت: كيف يكون له مِنِّي ولدٌ وأنا عجوزٌ وهو شيخ كبير؟! قالوا: أتعجبين مِن أمر الله! فإنّه قادِرٌ على ما يشاء، وقد وهبه الله لكم، فأبشِروا به. فقاموا وقام معهم إبراهيم، فمشَوا معًا وسألهم، قال: أخبِرُوني لِمَ بُعِثْتُم؟ وما خطبكم؟ قالوا: إنّا أُرسِلنا إلى أهل سدوم لِنُدَمِّرها؛ فإنّهم قومُ سوء، وقد اسْتَغْنَوْا بالرجال عن النساء. قال إبراهيم: إنّ فيها قومًا صالحين، فكيف يصيبهم مِن العذاب ما يصيب أهل عمل السوء؟ قالوا: وكم فيها؟ قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلًا صالحًا؟ قالوا: إذن لا نعذبهم. قال: إن كان فيهم أربعون؟ قالوا: إذن لا نعذبهم. فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة، ثم قال: فأهل بيت؟ قالوا: فإن كان فيها بيت صالح. قال: فلوط وأهل بيته؟ قالوا: إنّ امرأته هواها معهم، فكيف يُصرف عن أهل قرية لم يَتِمَّ فيها أهلُ بيت صالحين؟ فلمّا يئِس منهم إبراهيم انصرف ... (١). (٨/ ٩٣)

{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}

٣٥٨٧٩ - عن جندب بن سفيان -من طريق الأسود- قال: لَمّا دخل ضيفُ إبراهيم - عليه السلام - قَرَّب إليهم العِجْل، فجعلوا يَنكُتون (٢) بقِداحٍ في أيديهم مِن نَبْلٍ، ولا تصل أيديهم إليه، نكرهم عند ذلك (٣). (ز)


(١) أخرجه ابن جرير في تاريخه ١/ ٣٠٤. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٢) أصله من النَّكْتِ بالحصى، ونَكْت الأرض بالقضيب. النهاية (نكت).
(٣) أخرجه ابن جرير ١٢/ ٤٧١، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>