للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا}

٩١٤١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {ولكن لا تواعدوهن سرا}، قال: لا يقول لها: إنِّي عاشق، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري. ونحو هذا (١). (٣/ ٢٣)

٩١٤٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: {ولكن لا تواعدوهن سرا}، قال: فذلك السِّرُّ: الزِّنْيَة، كان الرجلُ يدخل من أجل الزِّنْيَة وهو يُعَرِّضُ بالنكاح، فنهى الله عن ذلك، إلا مَن قال معروفًا (٢) [٩٠١]. (٣/ ٢٣)


[٩٠١] اختُلِف في معنى السر؛ فقال قوم: هو الزِّنا. وقال آخرون: بل معناه: لا تنكحوهنَّ في عِدَّتهن سِرًّا. وقال غيرهم: بل معناه: لا تأخذوا ميثاقهنَّ ألا ينكحن غيركم في عددِهِنَّ. وذهب قومٌ إلى أنّ المعنى: أن يقول لها الرجل: لا تسبقيني بنفسك.
ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩) القولَ الأول الذي قال به ابن عباس من طريق العوفي، وجابر بن زيد، وأبو مِجْلَز، والحسن، والسدي من طريق سفيان، وقتادة من طريق سعيد، والضحاك، والربيع، مستندًا إلى اللغة، فقال: "وذلك أنّ العرب تُسَمِّي الجماعَ وغشيانَ الرجلِ المرأةَ: سِرًّا. لأنّ ذلك مما يكون بين الرجال والنساء في خفاء غير ظاهر مُطَّلَعٍ عليه، فسُمِّي لخفائه: سِرًّا. من ذلك قول رؤبة بن العجاج:
فعَفَّ عن أسرارها بعد العسق ولم يضعها بين فرك وعشق
يعني بذلك: عَفَّ عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك".
وانتَقَدَه ابنُ عطية (١/ ٥٨٢ بتصرف) مستندًا إلى اللغة، فقال: "وفي ذلك عندي نظر، وذلك أنّ السِّرَّ في اللغة يقع على الوَطْءِ حلالِه وحرامِه، لكن معنى الكلام وقرينته تَرُدُّ إلى أحد الوجهين، فمن الشواهد قولُ الحُطَيْئَة:
ويحرم سِرُّ جارتهم عليهم ويأكل جارُهم أنف القصاع
فقرينة هذا البيت تُعْطِي أنّ السِّرَّ أراد به: الوطء حرامًا، وإلا فلو تزوجت الجارة كما يحسن لم يكن في ذلك عارٌ، فقرينة هذا الشعر تعطي أنّه أراد تحريم جماع النساء عمومًا في حرام وحلال حتى ينال ثأره، والآية تعطي النهي عن أن يواعد الرجل المعتدة أن يطأها بعد العدة بوجه التزويج، وأما المواعدة في الزِّنا فمُحَرَّمٌ على المسلم مع مُعْتَدَّةٍ وغيرها «. وذكر أنّ مكيًّا حكى عن ابن جبير أنّه قال: سرًّا: نكاحًا، وعلَّق عليه بقوله:» وهذه عبارة مخلصة".
وأما ابنُ كثير (٢/ ٣٨٤) فقد ذهب إلى أنّ الآية تَعُمُّ جميعَ ما ذُكِر، مستندًا إلى القرآن، فقال بعد ذِكْرِه لما ورد من أقوال: «وقد يحتمل أن تكون الآيةُ عامَّةً في جميع ذلك؛ ولهذا قال: {إلا أن تقولوا قولا معروفا}».

<<  <  ج: ص:  >  >>