ووافقه ابن عطية (٣/ ٥١٥ - ٥١٦) مستندًا إلى ظاهر القرآن، والسنة، والدلالات العقلية، وعلَّل ذلك من ثلاث جهات، فقال: «أولها: أنّ ظواهر كتاب الله تقتضيه، وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ينطق به، من ذلك قوله لبعض الصحابة -وقد قال له: يا رسول الله، أين أجدك في يوم القيامة؟ - فقال: «اطلبني عند الحوض، فإن لم تجدني فعند الميزان». ولو لم يكن الميزان مرئيًا محسوسًا لَما أحاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الطلب عنده. وجهة أخرى: أنّ النظر في الميزان والوزن والثقل والخفة المقترنات بالحساب لا يفسد شيء منه، ولا تختل صحته، وإذا كان الأمر كذلك فَلِمَ نَخْرُج من حقيقة الأمر إلى مجازه دون عِلَّة؟ وجهة ثالثة: وهي أنّ القول في الميزان هو من عقائد الشرع الذي لم يعرف إلا سَمْعًا، وإن فتحنا فيه باب المجاز غمرتنا أقوال الملحدة والزنادقة في أنّ الميزان والصراط والجنة والنار والحشر ونحو ذلك إنما هي ألفاظ يراد بها غير الظاهر ... فينبغي أن يجري في هذه الألفاظ إلى حملها على حقائقها». وذكر ابن كثير (٦/ ٢٦١) ثلاثة أقوال في الذي يوضع في الميزان يوم القيامة: الأول: الأعمال. الثاني: كتاب الأعمال. الثالث: صاحب العمل. ثُمَّ علَّق عليها قائلًا: «وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحًا؛ فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالُّها، وتارة يوزن فاعلها». ونقل ابن عطية (٣/ ٥١٦) عن الحسن قوله: «فيما روي عنه: بلغني أنّ لكل أحد يوم القيامة ميزانًا على حِدَة». ثم انتَقَدَه قائلًا: «وهذا قول مردود، والناس على خلافه، وإنّما لكل أحد وزن يختص به، والميزان واحد».