ووجّه ابنُ عطية (١/ ٣٧٢) قول من قال من السلف بأن الإيمان في الآية هو الصلاة، فقال: «وسمى الصلاة: إيمانًا؛ لَمّا كانت صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، ولَمّا كان الإيمان قُطْبًا عليه تدور الأعمال، وكان ثابتًا في حال التوجه هنا وهنا ذكره، إذ هو الأصل الذي به يرجع في الصلاة وغيرها إلى الأمر والنهي، ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس، فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر، وأيضًا فسُمِّيَت: إيمانًا؛ إذ هي من شعب الإيمان». وذَكَر ابنُ تيمية (١/ ٣٧٤) أنّ الصلاة سُمِّيَت إيمانًا لأنها تُصَدِّقُ عمل المرء وقوله، وتحصل طمأنينة القلب واستقراره إلى الحق، ثم قال: «ولا يصح أن يكون المراد به مجرد تصديقهم بفرض الصلاة؛ لأنّ هذه الآية نزلت فيمن صلّى إلى بيت المقدس ومات ولم يدرك الصلاة إلى الكعبة، ولو كان مجرّد التصديق لَشَرِكَهم في ذلك كُلُّ الناس، وفي يوم القيامة، فإنهم مصدّقون بأن الصلاة إلى بيت المقدس إذ ذاك كانت حقًّا، ولم يتأسّفوا على تصديقهم بفرض معيّن لم يترك». وعَلَّق ابنُ القيم (١/ ١٤٩) على الخلاف في تأويل الإيمان، فقال: «قوله: {وما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانَكُمْ}، وفيه قولان: أحدهما: ما كان ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس بل يجازيكم عليها؛ لأنها كانت بأمره ورضاه. والثاني: ما كان ليضيع إيمانكم بالقبلة الأولى، وتصديقكم بأن الله شرعها ورضيها. وأكثر السلف والخلف على القول الأول، وهو مُسْتَلْزِمٌ للقول الآخَر».