وذكر ابنُ عطية (٢/ ٢٥٥) أنّ الآية على قول مجاهد تحتمل عدة احتمالات، فقال: «والكلام على هذا التأويل يحتمل معاني: أحدها: ولا تصدقوا تصديقًا صحيحًا وتؤمنوا إلا لمن جاء بمثل دينكم؛ كراهة أو مخافة أو حذارًا أن يؤتى أحد من النبوة والكرامة مثل ما أوتيتم، وحذرًا أن يحاجوكم بتصديقكم إياهم عند ربكم إذا لم تستمروا عليه. وهذا القول على هذا المعنى ثمرة الحسد والكفر، مع المعرفة بصحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون التقدير: أن لا يؤتى، فحذفت» لا «لدلالة الكلام، ويحتمل الكلام أن يكون معناه: ولا تصدقوا وتؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم وجاء بمثله وعاضدًا له، فإن ذلك لا يؤتاه غيركم، {أو يحاجوكم عند ربكم} بمعنى: إلا أن يحاجوكم، كما تقول: أنا لا أتركك أو تقتضيني حقي، وهذا القول على هذا المعنى ثمرة التكذيب بمحمد - صلى الله عليه وسلم - على اعتقاد منهم أنّ النبوة لا تكون إلا في بني إسرائيل، ويحتمل الكلام أن يكون معناه: ولا تؤمنوا بمحمد وتقروا بنبوته، إذ قد علمتم صِحَّتها، إلا لليهود الذين هم منكم، و {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} صفة لحال محمد، فالمعنى: تَسَتَّروا بإقراركم أن قد أوتي أحد مثل ما أوتيتم، أو فإنهم يعنون العرب يحاجوكم بالإقرار عند ربكم».