[٨٨١] اختلف أهل التفسير في الذي دلَّت عليه هذه الآيةُ مِن مبلغ غايةِ رضاع المولودِين؛ فقال بعضهم: هو حدٌّ لبعضٍ دون بعض. وقال آخرون: بل ذلك حدُّ رضاع مَنِ اختلف والداه في رضاعه، فأراد أحدُهما البلوغَ إليه والآخرُ التقصيرَ عنه. وقال غيرهم: بل ذلك دلالة على ألّا رضاع بعد الحولين. وذهب قومٌ إلى أنّ الحولين كانا بهذه الآية فرضًا خُفِّف بقوله: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}، فجُعِل الخيارُ في ذلك للآباء. وجَمَع ابنُ جرير (٤/ ٢٠٦ - ٢٠٨) بين مختلف الأقوال دون الأخير المرويِّ عن قتادة، والربيع، مستندًا للدلالة العقلية في ظاهر القرآن، فقال: «فأمّا قولُنا: إنّه دلالةٌ على الغاية التي ينتهى إليها في الرضاع عند اختلاف الوالدين فيه فلِأَنَّ الله -تعالى ذِكْرُه- لَمّا حَدَّ في ذلك حَدًّا كان غيرَ جائز أن يكون ما وراء حَدِّه موافقًا في الحكم ما دونه؛ لأنّ ذلك لو كان كذلك لم يكن للحدِّ معنًى معقول، وإذا كان ذلك كذلك فلا شكَّ أنّ الذي هو دون الحولين مِن الأجل لما كان وقتَ رضاع كان ما وراءه غير وقت له، وأنّه وقتٌ لترك الرضاع، وأنّ تمام الرضاع لما كان تمام الحولين، وكان التّامَّ من الأشياء لا معنى للزيادة فيه، كان لا معنى للزيادة في الرضاع على الحولين، وأنّ ما دون الحولين من الرضاع لما كان محرمًا كان ما وراءه غير محرم. وإنّما قُلنا هو دلالةٌ على أنّه معنيٌّ به كلُّ مولود لأيٍّ وقت كان ولاده؛ لستة أشهر، أو سبعة، أو تسعة؛ لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- عَمَّ بقوله: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}، ولم يُخَصِّص به بعضَ المولودين دونَ بعض».